المتسولون .. القانون لا يردعهم
نايف المحيسن
13-05-2014 02:40 AM
ظاهرة التسول باتت ظاهرة مقلقة وتشكل سلوكا لا يعبر عن اي نوع من الحضارة ويشوه كثيرا من المشهد العام للوطن خاصة للزوار القادمين الينا من الدول الشقيقة والصديقة واعتقد ان المتسولين يجدون ضالتهم اكثر عند الغرباء ويتمادون في الاستجداء وطلب المال منهم لادراكهم ان الغرباء قد يكونون اكثر سخاء من اهل البلد.
لا تخفي وزارة التنمية الاجتماعية انها لدى متابعتها لحالات التسول وجدت ان كثيرا من المتسولين هم من طبقة الاغنياء في الأردن والذين يحق للمتسولين ان يتسولوا منهم بدلا من ان يكونوا هم المتسولون حيث وجدت الوزارة ان لهؤلاء ارصدة عالية في البنوك كما ان لديهم املاكا وعقارات وان كثيرا منهم يرفضون المعونات الحكومية على اعتبار انها لا تسمن ولا تغني مقابل ما يتحصلون عليه من التسول.
ولكن ما يثير القلق ان المتسولين بدأوا باستخدام أساليب جديدة للتسول هروبا من الملاحقات التي تقوم بها فرق وزارة التنمية الاجتماعية حيث يلجأون الى التظاهر بالبيع وذلك لئلا تقوم هذه الفرق بالقبض عليهم وايداعهم المراكز المختصة فبعضهم يقوم ببيع العلكة او الورد او بعض اصناف الفواكه واي شيء يمكن ان يتم حمله ويسهل بيعه وهم لا يريدون بيع ما يحملون بقدر ما هم يطمحون لجيوب المواطنين بالشحدة والتسول.
المشكلة ان مثل هؤلاء لا تقوم لجان مكافحة التسول بملاحقتهم على اعتبار انهم ليسوا متسولين بل هم حسب القانون باعة متجولون وهناك قانون اخر يمكن ان يتم ملاحقتهم من خلاله في حين انهم في الحقيقة متسولون وليسوا باعة متجولين مما يعني انه يتم ملاحقتهم كمتسولين ولكن فرق المكافحة تحتاج الى اطر تشريعية او قرار رسمي لمتابعة مثل هذه الحالات خاصة وانها في تزايد مستمر.
يلاحظ ايضا كثير من الناس وجود متسولين على ابواب الجوامع وعند خروج المصلين خاصة ايام الجمع وهؤلاء لا يتم ملاحقتهم لانهم غالبا ما يكونوا في يوم عطلة كما ان ملاحقتهم سيكون بها نوع من الصعوبة على فرق المكافحة لانهم سيجدون من يتعاطف معهم من المصلين ان تعرضوا للالقاء القبض عليهم وقد يبدون مقاومة او يسعون الى استجداء الناس وهذا قد يصعب عمل من يلاحقونهم.
التسول مهنة يمتهنها البعض خوفا من ان يمتهن مهنة شريفة اخرى وهي سهلة ويمكن ان يكون مردودها اكثر لان التسول هو جمع نقود في حين ان العمل الشريف هو جهد لتأخذ نقودا في اخر الشهر وقد يحصل المتسول على دخل قد يعادل في اليوم الواحد ما يحصل عليه من يعمل عملا شريفا في شهر او اكثر وهنا تكمن المشكلة في اننا نحن من نساعدهم على التسول عندما نتعاطف معهم مع اننا في الحقيقة قد نعرف ان تعاطفنا لا يمكن ان يكون باي حال من الاحوال في مكانه الحقيقي.
اعتقد ان المتسول لا يقف عند حده حتى لو القي القبض عليه طالما ان الاجراءات غير رادعة ولن يكون عبرة لغيره من المتسولين خاصة وانهم قد يدفعون الكفالة المالية الضئيلة مقابل اطلاق سراحهم وعودتهم ليسرحوا ويمرحوا بين جيوب الناس فالكفالة مقابل اطلاق السراح لن تكون رادعة طالما ان لديهم القدرة عليها.
مطلوب من وزارة التنمية الاجتماعية اعادة النظر في اجراءاتها في اسلوب العقاب حتى لو اضطرت لتعديل القوانين وعليها ان تتعامل مع المتسولين ككل حتى لو كانوا يتظاهرون بانهم باعة متجولون.
(الدستور)