ان الاستمرار بالمراهنة على وعي الشعب وحضارته يجعلنا نصدق اننا كذلك, وهو ما يعني عدم اعترافنا بأننا نعاني جملة من المشاكل الحقيقية، يتوجب علينا مواجهتها والتعامل معها بحزم للقضاء على السلبيات، كي نحاكي "الوعي" الذي نفخر به.
علينا ابتداء، أن نعترف أن لدينا ازمة اخلاق بالعديد من الممارسات اليومية, إلى جانب الأنانية وحب الذات، دون ان نخجل من انفسنا.

سأروي للقارئ تفاصيل حادثة شخصية أواخر الشهر الفائت، بيد أنه من الممكن سحبها على شريحة كبيرة من المجتمع الأردني. في البدء، وبينما كنت عائدا من اربد باتجاه عمان وكان الوقت مساء، وإذ بأزمة سير ممتدة من جسر البقعة ولغاية شارع المدينة الطبية، وهيئ لي كما هيئ لكثيرين غيري ان هناك حادث سير قد حصل بمنطقة صافوط ( وهي منطقة كثيرة الحوادث ) , وقلت في نفسي " اللهم لانسألك رد القضاء وانما نسألك اللطف فيه" .

لافاجأ وبعد مرور نصف ساعة تقريبا، من دخولي متاهات الأزمة بأن هناك " فاردة " عرس تسير بموكب مهيب من السيارات، مغلقة المسارب الثلاثة للطريق، تقوم بالتزمير والرقص والغناء.

الجميل في المشهد أن تلك " الفاردة " قامت بالوقوف التام على اشارة المدينة الصناعية في شارع المدينة الطبية، وكانت الاشارة خضراء، واغلقت جميع المسارب وترجل الفرحون من سياراتهم ليرقصوا بالشارع دون اي اكتراث بأي من مستخدمي الطرق !

صحيح أن المشهد استفزني، لكن الذي يبعث على القلق هو انعدام الحس الجمعي بالمسؤولية عند من يستبيح لنفسه امتلاك طريق عام، ضاربا عرض الحائط حالات المرض والولادة والوفاة، في مجتمع ما ينفك يتغنى بالإخلاق والوعي.

لم أغفل الاتصال بالجهات المعنية من أجل مساعدتنا في الخروج من قلب الأزمة لكن اردتدادات جواب أحد رجال إحدى دوريات التحقيق المروري التي عاينت الموقف حين " حسبي الله ونعم الوكيل "، ما تزال تتردد في مخيالي؛ الأمر الذي يعني ضرورة إيجاد تعليمات صارمة لنحمي شوارعنا ممن يصرون على إذائنا.