بكتكَ السماءُ .. أبا حُسامْ
عريب الخطيب
12-05-2014 04:46 PM
نمرُ بلحظات يتزاحم فيها الضيق علينا...فلا نعرف طريقاً للراحة...فنغوص في مستنقعات الألم العميق...نحارب لنعيد إبتسامتنا وأحلامنا السعيدة...وحياتنا المفعمة بالمحبة والأمل.
ذلك الحزن الذي يتسرب الى أغصاننا الغضة كأوراق الخريف...ويسرق من أوراقنا الخضراء ذلك الرونق المفعم بالحياة ...فيمنحه لوناً باهتاً يفتقد معنى الحياة....فنبكي بصمتٍ يعكس ما بقلوبنا الجريحه كي لا نثير مشاعر الحزن فيمن حولنا...فنحصره في قلوبنا ...لأنه قدرنا أن نبكي بصمتٍ...ونصرخ بصمتٍ...وتئن قلوبنا بصمتٍ أيضاً.
فكم هو مؤلم ما نمر به...وما نقاسيه...وما نشعر به لأننا نقف بصمتٍ وخضوعٍ قاتل أمام القدر ...نرضخ له ولإرادته...وما علينا الا أن نبكي وتموت الروح فينا...وكل ذلك بألمٍ وصمت.
ما علينا الا أن نصبرْ ونقنع ونرضى بقضاء الله وقدره وإرادته فلا نسخط ولا نجزع...ونتقبل حكم المولى في ما يصيبنا من بلاء ومصائب لأنه ليس بأيدينا أن نكتب مصائرنا وأقدارنا وما علينا الا الصبر على ما يكتبه الله لنا وأن نحتسب مصائبنا عند الله عز وجل بروحٍٍ ملؤها الايمان وبنفسٍ مطمئنة مؤمنة بقول الله تعالى"قُل لن يصيبنا الا ما كتبَ الله لنا"...ولا نمتلك الا أن نقوي عزيمتنا في مصائبنا ليفتح الله لنا أبواب الفرج ويرسلُ لنا أنوارَ الأمل وضياءه...لتعود لنا الحياة تدبُ في عزيمتنا من جديد.
فإلى كل قلبٍ يشكو من مرارة الألم وحرقته...وإلى كل عينٍ أضناها الدمع...ما لنا الا الصبر كما يقول عز وجل في كتابه الكريم"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"...فالدنيا لم تكتمل لأحد حتى الأنبياء والرسل...وهكذا هي حال الدنيا..من فرح وحزن....ومن دمع وابتسام.
وعلينا أن نتذكر دائماً أن ما بعد الضيق الا الفرج...وما بعد العسر الا اليسر...وكل ذلك بأجر...ولا بدَ أن تشرقَ الشمس يوماً لتحمل لنا بين ثناياها أملاً لقلوبنا التي بات يطوقها اليأس بعد أن استسلمنا للضيق والهم والحَزَنْ...لكننا نؤمن أن ربنا عز وجل إذا أحبَ عبداَ إبتلاه...وما إبتلاه الا ليسمع تضرعه وشكواه...وإننا نسأل الله الفرج والصبر والأجر فيما أصابنا متذكرين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحبَ قوماً إبتلاهم فمن رضي له الرضا ومن سخط فله السخط".
وسنستبشر بالفرح ونتخلص من الألم مستمدين سعادتنا من رضى الله عز وجل وسنقبل بالقضاء والقدر ولن نسخط على ما يكتبه الله لنا وسنستعين بالصبر والصلاة لتطمئن قلوبنا وتنير دروبنا.
فقد بكتك السماءُ يا أبا حسام...وبكتك أعيننا وقلوبنا...فلا أحد منا يستطيع أن ينسى وجهك المنير وصوتك الحنون وإبتسامتك الطيبة ومعاملتك الرحيمة وخاصة مرضاك الذين فارقتهم وتألموا أشد الألم لفراقك....فأعتصرت القلوب حزنا على فراقك المفاجئ لنا وبكتك العيون...حتى أن السماءً أبت الا أن تبكيك حزنا عليك...فغيابك قصة مؤلمة لا يقبلها العقل لأن فيها إنتصار للحزن ومعاناة لن تنتهي ...وبكاء لن ينقطع وأنين للقلب لفراق عزيز لم يكتمل حلمه وأمله بعد في الحياة.
فإلى جنات الخلد يا رجل المواقف الطيبة...أيها الطبيب الانسان الانسان الذي تلمع سيرته بكل الكلام الطيب والمواقف الرائعه...فأنت وإن غادرت هذه الفانية ستبقى ذكراك في قلوبنا ...وإن كنت نجمُ غاب عنا فأنت ملاكُ تضئ الآن في الجنان مع الشهداء والابرار والصالحين.
رحمك الله أبا حسام وأخلد روحك الجنة...وهذه حال الدنيا كما يقول الشاعر:
لكل شئٍ إذا ما تم نقصان فلا يغرُ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ من سره زمنٌ ساءهُ أزمانُ
وهذه الدارُ لا تبقي على أحدٍ ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ