السفيرة الدكتورة زينب بنت علي القاسميّة .. أَحْسَنْتِ!!
أ.د عمر الحضرمي
11-05-2014 07:29 PM
الأحد 27 نيسان الماضي، كان موعداً مركّباً، أعلى سنامة أنّك في مسقط، وفي مرتفع آخر أنك في حضرة المعهد الدبلوماسي العُماني، وعلى إطلالة مملوءة بالشمس والعطر والزهر أنت مشارك في جلسة على جنبها معالي وزير خارجية مصر الأسبق محمد العرابي والسفير المصري في مسقط ونائبه، وعلى جنبها الآخر الدكتورة السفيرة زينت بنت علي القاسميّة ... رئيس المعهد الدبلوماسي العُماني ونائبها.
بداية كنت أظن أن الحوار لن يتعدّى، في مكوّناته، ساحة المجاملات المشهورة عن الدبلوماسيين. وأن جوهره سيكون المحاضرة التي ألقاها معالي الوزير في المعهد، وأن هذه المحاضرة ستكون هي المطارحة الرئيسية دون أن يكون هناك حديث ذو شجون. ولكن بعد شيء قليل من التناول المتقارب، وبعد أن نشأت حالة من التعاطي الفكري والثقافي، كانت مفاصل الحوار تذهب هنا وهناك متراكمة ومتناغمة مع ذاتها، ليس السؤال فيها بأكثر من حالة استحضار للفكرة والرأي والموضوع، وليس الجواب بأكثر من تركيز واعي ومحترم، سواء من قِبَل السائل أم من قِبَل المُجيب.
كل هذا كان في إطار السياق العام للجلسة. ولكن ما أثار العقل واستفزّه فعلاً، هو ذلك الكم الهائل من المعلومات التي تمتلكها الدكتورة زينت، والأهم من ذلك كيف كانت تنجح كل لحظة في تركيب أفكارها التي جاءت في منظومة متدافعة بشكل سلس ومقنع، وكيف أنها تمكنت من توضيح مواقف السلطنة من الأحداث السياسية الشائكة التي تشهدها المنطقة. واستطاعت الدكتورة زينت من أخذ الجالسين إلى مطارح جعلتهم يستزيدونها من القول، بعد أن راحوا يكتفون بإلقاء الأسئلة والارتياح لما يتوارد من أجوبة.
وبالرغم من أن هناك العديد من "الزوايا" الفكرية الحادّة قد برزت أثناء التداول، إلا أن الأخت زينت استطاعت، بكل براعة، "تدوير" هذه الزوايا، وأن تحوّلها إلى محطات يمكن الركون إليها والسكون فيها. كما استطاعت أن ترتحل بالنقاش إلى حالات من الفهم الحضاري.
الأخوة الذين كانوا يجلسون إلى المائدة لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وقد حاموا حولها، وطارحوها البحث والتدقيق، وأدلى كل منهم بدلوه وسقى وروى وارتوى، بكل موضوعية ومصداقية وارتياح.
وبعد، فهذه عُمان، وهذه مسقط لا تعطيك الفرصة أن تتفلت من ودّها ولطفها وفهمها وعلمها. وهذه مساكن الخارجية العُمانية، ومراتع المعهد الدبلوماسي التي لا تسمح لك أن تكون إلا ضيفاً معززاً مكرّماً محترماً.
كل مرّة أزور فيها السلطنة أُحس بالدفء ابتداء من الأخوة أعضاء السفارة بعمّان، مروراً بالعاملين فيها من كتبة أو مسؤولي استعلامات، وكأنما احترام الناس ينتقل من أحدهم إلى الآخر بالعدوى والانتشار غير المحدود.
في هذه الزيارة، حيث كانت هناك ورشة عمل شارك فيها العديد من مدراء الدوائر في الوزارات والمؤسسات المختلفة، أقامتها وزارة الخدمة المدنية بالتعاون مع المعهد الدبلوماسي، تُهيّء لي أن أقابل الدكتور حماد بن حمد الغافري المستشار في وزارة الخدمة المدنية، حيث جلست في مكتبه الذي شعرت فعلاً أنه مكتبي، وأنه هو الضيف، إذ لم يترك لحظة إلا وأحاطني بالتقدير، وهذا كما أعلم من خلال خبرتي الطويلة مع أهل عمان، هو ديدنه وعاداته، وما استقر في وجدان علاقته بالناس سواء في داخل وزارته أم ما طاف حولها.
وعلى المطل الآخر كانت كما ذكرت شخصيّة الأخت الدكتورة زينت التي تشعرك فعلاً أنها الدبلوماسية من النوع الراقي، وأنها تمثل المرأة العُمانية المُثقفة والمسؤولة والواعية والمحترمة.
أسأل الله لعُمان كل السلامة، والأمان، والاستقرار، وأن تستمر هذه الخيمة السلطانية الوارفة في حماية البلد والناس من كل أذى.