الكرك : مصطبة دليوان باشا المجالي
11-05-2014 04:11 AM
عمون - محمد الخوالده - تشكل مصطبة دليوان باشا المجالي(ابو عناد) التي لاتزال ماثلة للان قرب المسجد الحميدي في اعلى وسط مدينة الكرك مع تغير في بعض ملامح المكان املته مستجدات الزمن جزء مهما من تاريخ مدينة الكرك الاجتماعي والسياسي بل والثقافي حيث كانت تلك المصطبة منتدى شعبيا متعدد الاغراض، اعضاؤه كل ابناء الكرك غنيهم وفقيرهم ، محتاجهم ووجيههم ، فيما كانت قبلة ضيوف المدينة من داخل وخارج المملكة ، وحتى من تتقطع بهم السبل ممن ياتون الى المدينة لقضاء حوائجهم المختلفة فيضطرون الى المبيت في المدينة حيث لافنادق حينها ولا مطاعم ليس امامهم لندرة المواصلات التي تعود بهم الى مساكنهم خارج المدينة سوى دار دليوان المجالي عمدة الكرك لزهاء 67 عاما حيث تسلم رئاسة البلدية في العام 1919 يؤوون الى تلك الدار حيث الكرم وطيب الوفادة .
ففوق المصطبة كانت تدور سجالات سياسية تعني بالشان المحلي والوطني فلطالما انبثقت من فوقها مواقف سياسية اعتمدت في قرارات وطنية اسهمت في بناء الدولة الاردنية ورسم سياساتها الداخلية والخارجية ، ومن فوق المصطبة كذلك كانت الكرك تفرز ممثليها في البرلمان الاردني ، فصاحب المصطبة ومن جمعهم حوله من رجال اكفياء لم يكن محط ثقة اهل الكرك والاردنيين فحسب بل كان ايضا محط ثقة الراحلين المغفور لهما الملك المؤسس والملك الحسين بن طلال وله مع كل واحد منهما رحمهما الله حكاية حتى وفاته في العام1979، وبفقده خسرت الكرك واحدا من اكثر رجالاتها حكمة وتسامحا وكرما.
ولعل اكثر ماتميزت به المصطبه انها المكان الذي كانت تعالج فيه كل القضايا المجتمعية الحساسة التي لو لم تعالج بحكمة وروية لاحدثت تداعيات غير مستحبة ، يطرح المتشاكيان وجهة نظرهما على مسمع من عمدة الكرك الذي دخل موسوعة غينتس للارقام القياسية لطول المدة التي شغلها كرئيس لبلدية الكرك التي تعد واحدة من اقدم بلديات المملكة ان لم تكن اقدمها فعلا فقد كان ناصتا جيدا ، يحلل مايسمع بحكمة لكنه لايتبنى رايا الا بعد ان يستفتي من هم حوله من اهل الراي والمشورة ، لذلك فالاحكام كانت صادقة ومنصفة وبما يرضي كل الاطراف .
طالما شهدت المصطبة ايضا سجالات ادبية اذ ثمة شعراء من بين الحضور الذين كانت تزخر المصطبة بوجودهم في كل الاوقات يتطارحون اشعارهم او يقرأون اشعارا لاخرين ، وكانت لصاحب المصطبة مشاركات فاعلة في تلك السجالات فقد كان رحمه الله شاعرا يقول في شتى اغراض الشعر النبطي ، وبطبيعة الحال لم تكن تلك الجلسات المؤنسة تخلو من شاعر ربابه يتغنى بمصاحبة ونات ربابته بقصائد الفخر والمديح التي تتحدث عن سير البطولات والابطال من اهل الكرم والشجاعة والاقدام والحكمة ، ولم يكن الامر يخلو ايضا من قصائد غزل تعبر عن معاني العفة والحب العذري .