بين حروف الكلمات تتغير المدلولات والإشارات ؛ وبين تباعد الكلمات والانجازات تضيع الاهتمامات ؛ وبين تغير الأحرف تتبدل الأبجديات فيصبح التخطيط تخبطاً والتخبط تخطيطاً؛ والاقتصاد فساداً والإحتيال مهارةً والعطاء تمرداً والإهمال كفاءةً والتقصير إجتهاداً والصناعة تقليداً والتعليم تجارةً !

ستعمل الحكومة على خفض الدين العام ؛ وعلى دعم المواطن الأردني ؛ وخفض نسب البطالة والفقر ؛ وتحسين منظومة التعليم العالي ؛ وتطوير بيئة النقل العام والصحة ، كل هذا وذاك عبر خطط إستراتيجية تكفل وبما لا يحمل الشك في أن يلمس المواطن خلال سنوات قليلة ثمار هذا التخطيط الاستراتيجي ! وفي هذا المقام ومن باب التقييم الحقيقي لخططنا الإستراتيحية والتي أدخلت المواطن منذ سنوات بأوهام الإنتعاش الاقتصادي والمعيشي وبين التأويل والتهويل لواقع التخطيط الاستراتيجي فقد تناول مؤتمر "فرص الاستثمار وآفاقه في الأردن" في الفترة 17-18/7/2001 موضوعاً يعد الأشد إلحاحاً والأكثر فاعلية في التأثير على التنمية الاقتصادية الشاملة، وبمشاركة فاعلة من الأطراف الرئيسية الثلاثة : القطاع العام والقطاع الخاص والخبرات الأكاديمية وبمشاركة كل من أمين عام وزارة المالية ومستشاريين اقتصاديين في وزارة المالية ورئاسة الوزراء حيث تم وضع خطط استراتيجية تكفل زيادة الاستثمارات ؛ وتحسين الوضع المعيشي للمواطن ؛ وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي للمملكة ؛ وتخفيض نسب البطالة والتضخم والدين العام للأعوام الخمس القادمة. (الرأي، 18/07/2001) !!!

إن التخطيط الاستراتيجي المنشود يجب أن يستند إلى أن المواطن الأردني هو الأهم في أي معادلة وطنية، وأن تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة لا يمكن أن تكون دون مشاركة كافة الأطراف والمكونات الوطنية ودون تهميش لطرف على حساب طرف آخر ؛ والعمل على تهيئة المناخ الاستثماري المناسب وترويج الأردن كواحة خصبة للفرص الاستثمارية الناجحة تتجاوز سوقها المحدود إلى الأسواق العربية والعالمية ؛ وتجسير التعاون والتنسيق بين مخرجات التعليم وحاجات التنمية الاقتصادية المستدامة والاستثمار بما يحقق سلامة التخطيط الاقتصادي واعتماد التخطيط الاقتصادي الاستثماري على قاعدة معلومات دقيقة وشاملة عن واقع الاقتصاد الأردني وحجم وهيكلية الاستثمار ومدخلاته ؛ وتطوير برامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يتيح الفرصة لها للمنافسة في السوق والاستفادة من أنجح الممارسات الدولية في مجال استقطاب الاستثمار وتنميته وزيادة مخصصات البحث والتطوير والتدريب والتأهيل في المؤسسات العامة والخاصة ومراكز البحث لمصلحة تطوير نوعية مخرجات الاستثمار وحمايته ضمن رؤية واقعية وشمولية.

إن التخطيط الاستراتيجي المنشود هو ذلك التخطيط الذي يأخذ في عين الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية ويحدد القطاعات والشرائح السوقية المستهدفة وأسلوب المنافسة ويجيب على سؤال "إلى أين نحن ذاهبون" آخذاً في الاعتبار الرؤية المستقبلية وعلاقة الإرتباط والتكامل بين كافة الجوانب والأنشطة المختلفة بها والعلاقات المتبادلة.

ختاماً إن التخطيط الاستراتيجي يجب أن يضع القالب الاجتماعي الاقتصادي بشكل أكثر واقعيةً ، أكثر عدالة، أكثر وضوحاً، لا يشوبه التهويل أوالتسويف ليؤدي نتائجه على المواطن من خلال الإرتفاع في منسوب عيشه الكريم ونوعية الخدمات المقدمة له، إرتفاع في قابليته للبحث والتطوير، إرتفاع في رغبته للتقدم والإزدهار.