ماذا تراني أقول وقد مر عام على أول مقالة لي في عمون وقد وصلت مقالاتي فيها قرابة الثمانين.. رثيت فيها أطفالا غرقوا في سيل الزرقاء.. وشهداء قضوا في التفجيرات.. وشهدت فيها تسممات جماعية عديدة..ورويت فيها عن جدتي وآخرين.. سخرت وضحكت وبكيت وأثرت وتأثرت.. واكتسبت صداقات كثيرة.. وبالتأكيد خرجت بعداوات أكثر.. واستعدت غائبين من أصدقاء زمان.. وأسماء حضرت في عمون.. وأسماء توقفت.. وأسماء سئمت.. وأخرى استمرت. وما زالت.. وكل يوم في عمون أسماء جديدة.. وآفاق جديدة..
عمون كانت لي وعاء أفرغ فيه شعورا حينا ونقدا حينا وخبرا حينا. أتذكر البدايات..خالد محادين معلمنا شفاه الله .. باسل رفايعة صديق الثمانينيات الذي توقف .. فيصل الزعبي الذي سئم.. كامل نصيرات صعلوك الأغوار المشاكس.. وأتذكر الآن (واق ويق) الذي لم نعد نرى له هذه التوقيعة والذي ربما كشف ذاته وأصبح يكتب باسمه الحقيقي.. رؤيا البسام ومناكفاتنا في البدايات.. والعزيز صالح الحديدي الذي اختفى أيضا.. الثريا .. (ولن أتكلم عنها بناء على طلبها) هاني العزيزي ... سعاد نوفل..عمر شاهين .. رانيا الجعبري.. هشام غانم الذي أضحى صديقا..أم خميس - يرحمها الله – أستاذة (السايكتري أيتنديفيكيشن).. أصدقاء في جدة والقطيف والعقبة والمنامة والدوحة وكندا وأبو ظبي والبقعة ولندن وموسكو وأبو ديس وغيرها.. نعرف أنفاس بعض ولم ير بعضنا وجه بعضنا.. آخرون كثر أصبحت عمون ملاذا لهم.. وقراء حميمون بردود أفعالهم حتى الغاضب منها أو المخالف.. منهم من بدأ معلقا ثم استقل بمقالة مكتوبة مثل علاء الطراونة الذي كان يسمي نفسه (المهاجر) أدعو الله له بالشفاء العاجل.. ومخلد الدعجة الملتهب على مدار الساعة بهم الوطن.. سليمان قبيلات شقيق الهم.. علي السنيد الذي اختفى.. العزيز عبد الجبار أبو غربية الذي يكتفي بالتعليق اللطيف كما يفعل العزيز رشيد ملحس.. اما كل الذين فاتني ذكرهم فحاضرون في وجداني.. منذ أول شعرة في حاجب فايز الفايز.. إلى آخر شيبة في رأس هاني العزيزي.. ومن بينهما من جيل. . ومن هم دون ذلك عمرا ..
عام على عمونياتي.. واجتراحي لرمز يعبر عن شعبي الطيب وأحلامه وبؤسه وغضبه ورضاه.. خميس بن جمعة.. الصاحب الذي لم يعد يفارقني.. فأصبحت أسكب فيه ومعه ومن خلاله ما شاءت نفسي من دفقات. أرى فيه وجعا يذكرني بالفايز.. لا أدري لماذا؟
أقف اليوم من العام العموني المنصرم.. لأنظر في المرآة وأحاول أن أتهجأ ما كنته عاما.. أين أصبت وأين شططت وأين جرّحت وأين كنت حليما.. وأين تجنيت.. معتذرا لمن قسوت أو أسأت إليه في رد.. متسامحا مع من قسا أو أساء.. وأجدني منشدا فقط لأن أستمر وأجتهد في أن أتابع مكاشفاتي على أبعد ما أقدر عليه.. معاهدا ربي ثم شعبي ووطني.. ونفسي.. أن أبقى في جانب الصواب الذي أراه صوابا. وأن أشكر القائمين على هذا الوعاء الذي اتسعنا جميعا.
Amann272@gmail.com