عندما يكون في العقل الباطن للمسؤول أن يهزمك، كمرؤس، مهما كانت حجتك دامغة، وعندما يكون مصمما على اظهارك بمظهر المهزوم، بفلسفته عليك وصراخه وصوته العالي واحكامه غير المفهومة فاعلم انه ضعيف ولا يجرؤ على مصارحتك والتفاوض معك .
وعندما، ينظر منك المديح والثناء، ولا يعبأ بمشاكلك ، فاعلم اننه يحب ذاته أكثر من أي شيء آخر .
وعندما يضحي بجهودك في العمل ويكون سببا في تركك العمل فاعلم انه يكره التميز والمتميزين ويمقت الكفاءات ويسعى فقط لتلميع ذاته وتثبيت قدمه. في الإدارة أكثر وأكثر ولا يعترف بآدميتك ولا يراعي انسانيتك.
أجزم أن لم هذا النوع من مسؤولينا موجود في معظم اداراتنا وعلى مختلف مستوياتها، مسؤولون من سقط المتاع لا يعون معنى الحوار كمنهج انساني راق وكحالة من الوعي المتجاوز، والفكر المتجدد مع مرؤسيهم لبناء الذات الإنسانية على أسس معرفية وأخلاقية وفي مناخ من التصالح والتصافي، لا يعرفون قيمة الحياة ولا معاني التحضر، في الادارة، يعشقون البواعث العرقية والإقليمية، ولا مشتركات انسانية عندههم سوى ذاتهم،
عاش هؤلاء، مظمري النية للانتصار لذاتهم، رائدهم الاشاعات والرواسب الإجتماعية والعادات السلوكية الأحادية.
الحوار أصبح من المصطلحات السائدة في السنوات الأخيرة، وجزء من أدبيات المرحلة، نتيجة للمتغيرات الفكرية وثورة المعلومات، وشبكات التواصل الإجتماعي، وبات المصطلح سائدًا في الوسائل الإعلامية، وعند التأمل فيما يتردد من أقاويل، وما يطرح من آراء، يتبين اننا لم نتجاوز قشور الجدل بعد، وأننا ما زلنا في مرحلة رفع الشعار والتمرن على مقاربته، فيما يغيب الفعل مقيدا بالرواسب الإجتماعية والعادات البالية.
لا تعتقد أنك تحاور فيما أنت مضمر النية للانتصار لرأيك، محاولا استدراج محاورك بباقة من الكلمات الطيفة التي تتوسل ولا تحاور، ولا تظن أنك تمارس الحوار وأنت تصغي لمحاورك ليس لفهم فحوى ما يقول، ولكن لكي تنتزع من قوله كلمة أو جملة من سياقها، ثم تتأولها بانحياز فج يناور ولا يحاور، ولا تقل إنك منفتح على كل الآراء وأن الإقناع هو غايتك المثلى فيما أنت تنطلق من حكم مسبق ونظرة نمطية (stereotype) تصنف الآخر على أسس عرقية أو مذهبية أو أيدولوجية.
الحوار لدينا، في الاسرة، في قاعات الصف، مع المسؤول مع الحكومة.... يتخذ منحى شِعْر النقائض في حوارات جرير والفرزدق الغاية منه هو هزيمة الطرف المقابل، وكل الشعارات التي ترفع هنا وهناك كلها للاستهلاك الإعلامي.
يقول فولتير: إنني أختلف معك ولكنني على استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا في سبيل دفاعك عن رأيك !!!!
لا أعتقد أننا سنصل لهذا المفهوم المتهور وفق ثقافتنا، ولكن هل لنا أن نؤمن بأن الحوار قيمة إنسانية ومدار رحب نتجاوز من خلاله كل العوائق والإشكالات التنموية، لتعزيز المكانة التاريخية والحضارية لوطن نليق به ويليق بنا...