التنوع الثقافي .. هل اختارته بلادنا ام اختارها
صبري الربيحات
09-05-2014 01:54 PM
المدينة التي قطعت ما يزيد عن ستين قرنا. عمان مدينة التنوع عبر التاريخ سكنتها الاقوام والجماعات من مختلف الاعراق والاديان والقوميات ...اقام على ارضها الرومان والفرس والاغريق ..العمانيون واهالي ربة عمون... والعرب والاكراد والشراكسة..... السريان والارمن ...القادمون من المغرب و اليمن والحجاز والشام ومن كل جنبات الدنيا .
في عمان اليوم ومثل سان فرانسيسكو سكان تمازجت هوياتهم الفرعية لتشكل الموزايك العماني المميز. من قلب عمان القرن التاسع عشر التي استوطن قلبها الشيشان والشركس حول نهرها العذب الذي يصل بين راس العين ويمر من جانب سبيل الحوريات وعين غزال ليمر بحدائق الرصيفة وبركها ومتنزهاتها...
وتمازجت عمان الزراعية مع التجار القادمين من الشام ومدن فلسطين ليشكلوا قصبة المدينة الجديدة التي احاطت بها عشائر البلقاوية . من الجنوب كان سكان البلدات الصغيرة التي فلح اهلها الحقول الممتدة من سهول مادبا وحتى اطراف البلدة الناشئة التي كانت تشكل قلب الشرق العربي قبل نشوء الامارة في مطلع عشرينيات القرن الماضي.
في عمان التي شرعت ابوابها لكل الذين اموها من شرق الدنيا وغربها وصلها الشيشان من القوقاز في ثلاث هجرات منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى مطلع القرن العشرين لهم لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم الفرعية التي تمازجت مع هوية الجماعات الاخرى.
السريان هم الاخرون مكون اساسي تواجدوا في القرن الثالث قبل الميلاد ...الاراميون والسريان كانوا مجموعة واحدة اختلفوا ان السريان سلموا للمسيحية ....للسريان ذاكرة ثقافية عن تاريخهم في المنطقة...تواجدوا في بلاط الخلفاء الامويين ..عانا السريان من اضطهاد البيزينطيين والاتراك فهاجروا الى الاردن.
الشراكسة ايضا جاءوا الى عمان في العقد الثامن من القرن التاسع عشر وقد عملوا في الزراعة وبعض المهن الصناعية استوطنوا بلدات واحياء داخل حدود عمان الكبرى.....اليمنيون والعراقيون والدروز والشوام والحجازيون
تمازجوا مع الفلسطينيون وابناء القبائل التي سكنت البلاد منذ مئات السنيين...تزاوجوا وتوالدوا وانصهرت دماء المشارقة بالمغاربة والعرب بالشركسة والاردنيون بالفلسطينيون.
البلاد الاردنية كانت مأهولة باهلها....والبلاد كانت قد فتحت ذراعيها للناس القادمين ورحبت بهم....حول عمان كانت عشائر اللوزيين والعساف والعدوان والسلطية..العجارمة والحديد والحنيطي والشوابكة والنعيمات والدعجه وقبائل الصخوروالعبابيد و.عشرات العائلات الاردنية.
عمان امنا مبادرة ريادية اطلقتها الامانة ومع ان الاحتفال ياتي قبل التاريخ الذي حددتة اليونسكو كيوم عالمي للاحتفال بالتنوع الثقافي والواقع في ال21 من ايار.....التنوع الثقافي حقيقة ماثلة وهو عنصر يمكن ان يغني حياة المدينة وفضاءها الثقافي اذا ما اتيحت الفرص للموزايك العماني ان يعبر عن نفسه تعبيرات ثقافية تظهر الغنى والخصب الثقافي...
المبادرة التي اطلقت يمكن ان تشكل بداية نهوض ثقافي في المدينة الصامته والتي اصمتها الخجل ....كشف النقاب عن جمال التنوع خطوة ريادية على الطريق الصحيح....نامل ان لا تتوقف الامانة عند هذا الحد بل ان يكون ما حدث بداية لبرنامج ثقافي غني نلمس اثاره على نوعية حياة الساكنيين وهوية المدينة.