المالكي بين سنديان الزعامة ومطارق خصومه
ماهر ابو طير
09-05-2014 04:37 AM
تترقب عيون الاقليم الشأن العراقي بحساسية بالغة هذه الايام،في ظل القراءات المبكرة لنتائج الانتخابات العراقية،التي ستقرر شكل وهوية البرلمان المقبل،والحكومة العراقية.
رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته استبق نتائج الانتخابات التي تحتاج الى وقت طويل مابين الفرز وتلقي الطعون والنظر فيها،واعلن بجرأة نادرة مرارا انه لن يشكل حكومة عراقية على اساس المحاصصة،وفي غامض تصريحه انقلاب سياسي على الحلفاء،ونزوع الى تعميد سياساته عبر حكومة اغلبية وطنية،في سياق اعادة ترتيب الاوراق داخل العراق.
هو ذات الرئيس الذي قاد الحكومة العراقية لمرتين،فيما ثالثته هذه تمت عنونتها مسبقا بحكومة اغلبية مع وجود اتجاهات اخرى،دون محاصصة.
هذا الجنوح نحو الانفراد بالسلطة،يثير قلق مكونات عراقية اخرى على الصعيد السياسي والاجتماعي،لكن اهم مافيه انه يثير عواصم الاقليم وجوار العراق،ويجعل استبصار سياسات العراق خلال الفترة المقبلة،امرا ليس سهلا،في ظل صراعات كثيرة في المنطقة تمتد عبر قوس البلاءات الذي يصل سورية،ومناطق اخرى في هذا الاقليم المبتلى بالنزاعات والعداوات وغياب التنمية وتراجع مستويات الحياة الانسانية،في ظل الفقر وغياب الامن والاستقرار على حد سواء.
سيطرة المالكي وتياره في جنوب العراق سوف تمتد الى مناطق اخرى،بما في ذلك العاصمة بغداد،فيما ستكون حصيلة ائتلاف المالكي اقل بطبيعة الحال في المناطق التي تتفلت غضبا ضده في غرب العراق،والتي ترسل رسائل الشكوى الواحدة تلو اخرى،دون ان تسمعها اذن المالكي،وهذه القراءات المبكرة يرفضها خصوم المالكي ويعتبرونها مبالغة لا تخلو ايضا من اصوات تم تزويرها في الانتخابات العراقية لتعميد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي.
يقول خبراء في شؤون الاقليم ان اهم قراءة ينبغي التوقف عندها تتعلق بسياسات العراق اذ عاد المالكي الى الحكم مجددا،وقام بتشكيل حكومة عراقية جديدة،في عام حافل بالتغييرات في العراق،وهي تغييرات ستمتد الى موقع رئيس العراق ايضا،وسط ترشيحات متعددة لشخصيات كردية،بعضها نافذ في الوقت الحالي في الدولة العراقية،وبرغم ان العام عام تغييرات شاملة الا ان مربط الفرس فعليا نراه في البرلمان والحكومة.
خصوم المالكي يعرفون جيدا ان عودة المالكي بأغلبية وطنية في حكومة يشكلها تأتي على اساس برلمان يدعم المالكي الى حد ما،يعني دخول العراق في توقيت حاسم للفصل في كل القضايا الداخلية،واذا كانت حظوظ المالكي قوية الى هذه الدرجة،دون ان يعكر مزاجه خصومه السياسيون واللاعبون الذين يهتكون حرمات العراقيين ويشبعونهم قتلا اعمى وتفجيرا،فان العراق في عهد المالكي وبهذه الاشتراطات سيكشف عن وجه جديد لسياساته الاقليمية في ظل معرفة المالكي ان عواصم عربية مهمة تتمنى له هزيمة مدوية في سياق الرغبة بتحطيم المعسكر الذي ينتمي اليه المالكي من جهة،وفي سياق اعادة ترتيب الاوراق في كل المنطقة،وهي امنيات لا يعرف احد على وجه الحصر والتحديد ما اذا كان المالكي قادرا على احباطها في مهدها،او منتصف طريقها.
المالكي يجزم ان كل العراقيل التي تم وضعها في وجه حكومته الاولى والثانية،عبر وسائل محلية عراقية سياسية او دموية كانت نتائج تحالفات اقليمية ودولية لا تريد لهذا المعسكر ان يستتب،والمؤكد هنا ان المكاسرة مع هذا المعسكر وصلت اوجها،في جبهات كثيرة،وهزيمة المالكي وتياره تصب في النهاية باتجاه تفكيك هذا المعسكر،وعودته تعني استعادة الانفاس بعد معارك العراق وسورية ولبنان وايران،وهي معارك متعددة ومنهكة للاقليم ولحياته،في ظل حالة العناد التي يمارسها مشروع هذا المعسكر،واصراره على ان يتفرد بالمنطقة وحيدا.
كل هذا يعني ان العراق في النصف الثاني من العام الجاري،ليس شأنا محليا وحسب،بل ان كل المنطقة تترقب اعادة التموضع في هذا المعسكر،وتريد فرض بصماته عليه،ولعل السؤال ينسب بشكل طبيعي حول قدرة المالكي اذا سيطر وفاز بحكومة ثالثة ذات اغلبية يتحكم بخيوطها،على الاطلالة على الاقليم بوجه سافر بكل ملامحه السياسية،ام انه سيبقى مراعيا للتقاطعات الاقليمية العربية والامريكية والايرانية،وهذا يعني ان كلمة السر في العراق هذا العام تقول بشكل واضح ان العراق لن يبقى كما هو،اما سينهار تحت وطأة صراعاته الداخلية والاقليمية والدولية،واما سيعبر النهر المالح بكلفة قليلة،وما بينهما تبقى احلام المالكي في تنصيب نفسه زعيما منفردا للعراق،ورمزا من رموز معسكر الاقلاق للمنطقة،احلام لا تقطعها لا صرخات الاكراد المعترضين على عودته،ولاغضبات عرب غرب العراق،الذين ينتظرون ايضا شهورا حاسمة في وجودهم وحياتهم وتكوينهم على حد سواء.
(الدستور)