شهيدة كامبريدج .. والحديث بأثر رجعي
د.خليل ابوسليم
08-05-2014 03:16 PM
بينما نحن نشاهد ونسمع في ديمقراطيات العالم المتقدم العديد من السلوكيات الأخلاقية للمسئولين في تلك الدول، الملتزمين بمضمون الرسالة التي ينهضون بها، استشعارا بعظم المسئوليات الملقاة على كاهلهم، ما زلنا في العالم العربي نغط في سبات عميق، وبحاجة إلى من يرجمنا حتى نصحو قليلا من سباتنا الذي طال أمده.
كم هي الحالات التي سمعنا عنها وما زلنا والتي أفضت إلى استقالة كبار المسئولين وأحيانا رؤساء الحكومات والدول نتيجة أخطاء ارتكبها بعض من حاشيتهم، وأحيانا كثيرة تكون غير مقصودة، هذا لان السلوك والمهني والأخلاقي لديهم لا يمكن أن يتجزأ أو يقبل القسمة على اثنين.
في عالمنا العربي الوضع مختلف تماما، فتجد المسئول مهما صغر أو علا منصبه، يرتكب أبشع الجرائم بحق رعيته دون أن يحركه وازع من دين أو أخلاق لا بل يبات ليلته مرتاح الضمير، والأنكى من ذلك انه يسخر كل الإمكانات المتاحة لخدمة الشعب من اجل جلد الشعب بها ويسوق كافة الأعذار والمبررات التي يراها من وجهة نظره دفاعا عن نفسه أولا وعن إدارته والخطأ ومرتكبه ثانيا.
أسوق كل ذلك استحضارا لما يجري في قطاعنا التعليمي بشكل عام وخصوصا القطاع الخاص منه والذي بات ديدنه الربح الوفير وبكافة الطرق والوسائل غير المشروعة، دون أن يتحمل شيئا من أخطائه التي باتت تطغى على العملية التربوية والتعليمية برمتها، بل وصلت إلى حد الكبائر.
استحضر أيضا ذلك وما زالت صورة شهيدة كامبريدج ماثلة في ذهني، وهي التي ذهبت ضحية إهمال وعدم مسئولية وإدراك من القائمين على تلك المدرسة بعظم المسئوليات الملقاة على عاتقهم، ودون أن يرف لهم جفن أو حتى النعي وتقديم واجب العزاء وهو اضعف الإيمان.
الم اقل لكم أن الأخطاء تجاوزت حدها لتصبح كبائر بحق الإنسانية والطفولة بعد أن تم دفن القيم الأخلاقية في مقبرة القطاع الخاص الباحث عن الربح دون اكتراث إن كان على جثث الأبرياء.
الأدهى من ذلك أيضا، هو تنطح تلك المديرة الفاشلة للدفاع عن نفسها ومدرستها، فالواجب الأخلاقي والذي أرى أنها بعيدة عنه بعد المشرقين يحتم عليها أن تتحمل مسئولياتها الأخلاقية نتيجة قتلها لهذه البراءة.
صحيح أنها لم تقتلها بيديها ولكنها قتلتها مرتين، الأولى عندما أهملت بواجباتها ومسئولياتها تجاه الطفولة الموضوعة أمانة في عنقها، والثانية عندما تنطحت للدفع ببراءتها وبراءة مدرستها عن ما جرى، متناسية في هذه الحالة أن قرونها ما زالت من طين.
أما أصحاب المدرسة كائنين من كانوا، فلن أتحدث بشأنهم، فالحديث عن السفيه سفاهة، وأمثالهم باتوا السواد الأعظم بين ظهرانينا ومثلهم لا يستحقوا الجلوس عند الأبواب، هذا إن كانوا يعرفون معنى الجلوس عند الأبواب.
أما الطامة الكبرى فهي تلك الفئة من أولياء الأمور المغرر بهم، والذين احتشدوا دفاعا عن مديرة المدرسة ، وهم بذلك يعينون الظالم على ظلمه، وأستحلفهم بالعلي القدير لو كانت ابنتهم هي التي قضت غرقا في مسبح المدرسة، ماذا ستكون ردة فعلهم، وهل يقبلون بمثل هذا الموقف -الذي لن أقول فيه اكثر من انه مخزي -المؤازر للمديرة المتجبرة.
اعتقد أنهم سوف يحرقون الأخضر واليابس ثأرا لابنتهم، وهذا يقودنا إلى السؤال الأكبر: إلى متى سنبقى كالقطيع يسوقنا السفهاء إلى المذبح دون أن نجرؤ على سؤال ذبّاحنا لم فعلت هذا والى أبن أنت ذاهب بنا.
رحم الله الفاروق وهو القائل" لو أن شاة عثرت في ارض العراق، لخفت أن يسألني الله عنها يوم القيامة لِم لم تمهد لها الطريق يا عمر.
في جعبتي الكثير من سلوكيات وممارسات المدارس الخاصة والتي سأضعها في الفترة القادمة بين يدي الوزير الأمين على أبنائنا الطلاب ومدير مديرية التعليم الخاص في الوزارة، علهم يردعون مثل تلك الفئة المارقة على القانون والأخلاق...وللحديث بقية