facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




مجاملة


بلال حسن التل
07-05-2014 03:11 AM

يقيني انه بعد أن أنهى الصحفيون الأردنيون انتخابات نقيبهم، ومجلس نقابتهم. فإن عددًا كبيرًا ليس من المرشحين الذين خسروا فقط، بل ومن أعضاء الهيئة العامة أصيبوا بعد إعلان النتائج بنوع من الصدمة المصحوبة بالدهشة، لأن نتائج الانتخابات جاءت مغايرة لتوقعاتهم ولحساباتهم، وللوعود التي قطعت لهم. وعندي ان كل من يصاب بمثل هذه الدهشة، والصدمة يكون قد أسقط من حساباته الكثير من عيوب وسلبيات المجتمع الأردني بكل فئاته، وتلاوينه، وطبقاته.. ومن أبرز هذه العيوب والسلبيات «المجاملة» التي صار يتعامل بها الأردنيون فيما بينهم، ومع الآخرين، والتي تصل في كثير من الأحيان حد الكذب والنفاق، بل تتجاوزهما في بعض الأحيان إلى حد الجريمة، خاصة عندما تُجرى هذه المجاملة على حساب الوطن وخياراته وخيارات مواطنيه. من ذلك على سبيل المثال: ما نقوله عن الوطن البديل في السر، فهو بالتأكيد يختلف مائة وثمانين درجة، عن ما نقوله في العلن. وهو أمر ينسحب على أحاديثنا عن الوحدة الوطنية، وعلى الكثير من قضايانا الوطنية الكبرى التي لا تحتمل المجاملة. بل تتطلب المصارحة والمواجهة. فإذا كنا نستسهل المجاملة في قضايا وطنية ومصيرية كبرى. أفلا نستسهلها في قضايا نصنفها على انها صغيرة وثانوية، بالرغم من أهميتها ومفصليتها؟ فالانتخابات مهما كان نوعها ودرجتها، تفرز أناسًا يلعبون أدوارًا مصيرية وحاسمة في حياتنا، على المستوى الفردي، والمستوى الجماعي. فالنائب الذي ندلي له بأصواتنا، أو نساهم بوصوله إلى قبة البرلمان بامتناعنا عن الأدلاء بهذه الأصوات، وترك الصناديق لتجار الأصوات وسماسرتها وغيرهم. هذا النائب هو الذي يقرر مصير وشكل التشريعات التي تتحكم في حياتنا سياسيًا واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، ومع ذلك فإننا لا نأخذ الأمر على محمل الجد، فلا نذهب إلى الصناديق.. وقبل ذلك لا ندقق كثيرًا في حملات المرشحين وبرامجهم. بل نصرف لهم الوعود بالمؤازرة. وفي كثير من الأحيان يكون الوعد مصحوبًا بأغلظ الأيْمان الكاذبة، فنحن في الأغلب الأعم نكذب لنجامل، أو ننتخب مجاملة لابن العشيرة، أو ابن المنطقة، أو لصديق الصديق، وهذه درجة مرذولة من المجاملة.

ومثل الانتخابات البرلمانية، كذلك انتخابات المجالس البلدية، التي تلعب المجاملة المرذولة دورًا حاسمًا في رسم مساراتها ونتائجها. على ان أرذل أنواع المجاملة هي تلك التي تُجرى في الانتخابات النقابية، إذ يفترض أن النقابيين هم صفوة المجتمع العلمية، والثقافية ونخبته السياسية القادرة على اتخاذ الموقف والإعلان عنه بجرأة، وهو مالا يتم عادة في انتخابات النقابات المهنية، وانتخابات نقابة الصحفيين على وجه التحديد. لذلك يظل المرشح إلى لحظة الانتهاء من فرز الأصوات تحت وهم انه فرس الرهان الفائز لا محالة، فقد استمع إلى الكثير من الوعود المصحوب نسبة منها بأغلظ الإيمان، بعد ان صرنا نجمّل مجاملتنا باليمين الغموس الذي ننكث به دون ان يرف لنا جفن.

ليست المجاملة مقتصرة في حياتنا على الانتخابات بكل مستوياتها، بل امتدت إلى صلب العمل السياسي في بلدنا، حيث سيطرت المجاملة على الحياة السياسية، ليس بين الحكومات المتعاقبة والأحزاب والنقابات، ولكن بين القوى السياسية الأهلية نفسها، فعلى الصعيد الحزبي، رأينا العديد من صيغ وأطر التنسيق، لعل أبرزها لجنة التنسيق بين أحزاب المعارضة، لكن كل هذه الصيغ والأطر فشلت وتفرّق شملها عند كل موقف جاد وحاسم، ابتداء من قرار المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، وصولاً إلى الموقف من مجريات ما سمي «الربيع العربي». فإذا كل الكلام المعسول عن التنسيق بين القوى المعارضة بمكوناتها الإسلامية، والقومية، واليسارية يتحول إلى شتائم واتهامات تقود إلى طلاق بائن، فما أسس على باطل نتيجته باطلة. فالمجاملة والابتسامات المصطنعة قد تخفي حقيقة المواقف لبعض الوقت ولكن ليس لكل الوقت.

كثيرة هي مظاهر المجاملة المرذولة في بلدنا، ابتداء من طوابير المهنئين لكل حكومة عند تشكيلها، مرورًا بأحاديث المسؤولين عن أبواب مكاتبهم المفتوحة، وانتهاء بأصغر تفصيل في حياتنا نجامل فيه على حساب حقائق واقعنا. وهذه المجاملة تسبب لنا الكثير من الأذى، والكثير من الخسائر، خاصة وانها تمنعنا من الدخول في تفاصيل برامج من يتقدمون للخدمة العامة في بلدنا نوابًا، ومجالس محلية، ونقابات، وتمنعنا من سؤالهم عن آلياتهم لتحقيق وعودهم. لذلك يأتي حصادنا في كل مرة هشيمًا، وسيظل كذلك حتى نواجه الحقائق بلا مجاملة تُخفي عن الآخرين حقيقتنا، وتُخفي عنا حقائق واقعنا.
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :