اليوم العلمي لكلية الشريعة
د.رحيل الغرايبة
07-05-2014 03:09 AM
عقدت كلية الشريعة يومها العلمي خلال الأسبوع الفائت، وكانت السمة البارزة لهذا اليوم أنه جاء يتحدث عن توسيع مساحة الوعي لدى طلبة العلوم الشرعية حول المشاريع السياسية المؤثرة في الأقليم العربي ، بهدف زيادة فاعلية أهل الفقة والمنتسبين للعلوم الشرعية عموماً في التواصل مع مجتمعهم ، ومحيطهم ، وزيادة قدرتهم على التواصل مع الواقع المعاش بطريقة اكثر كفاءة.
هناك مشكلة حقيقية في مجال تدريس علوم الشريعة والفقة يدركها كثيرون من أرباب هذه العلوم، حيث يتم في الغالب تدريس معظم علوم الشريعة في سياق الماضي الذي يكاد يبتعد عن الواقع رويداً رويداً إلّا في بعض مساقات القضايا المعاصرة، مما يؤدي إلى تشكيل عقلية منفصمة عن الواقع، وأحياناً تكون محلقة في عالم المثال والنموذج الذي يستعلي على الواقع، مما يجعله يبتعد عن الانخراط في المجتمع ومؤسساته، ويصبح أكثر ميلاً إلى العزلة، إلّا في الحالات القليلة النادرة.
الذهاب إلى طرح مواضيع تنمي الوعي بالمشروع الغربي، والمشروع الصهيوني والمشاريع السياسية الإقليمية الأخرى، شيء جيد ومحمود، وهو جزء من العلاج المطلوب، حيث يجعل الطالب في كلية الشريعة أكثر قرباً من مشاكل أمته ومجتمعه، ويجعله أكثر حملاً للهم العام ومن ثم أكثر قدرة على الانخراط في الحلول والمعالجات، وعدم الاقتصار على الاستغراق في دراسة الماضي والمثالبات.
في هذا السياق هناك ملاحظتان مهمتان، ينبغي أن تكونا محطاً للاهتمام من أصحاب القرار في المجال التعليمي على مستوى الكلية وعلى مستوى الجامعة، وعلى مستوى وزارة التعليم العالي بشمول:
الأولى تتمثل بضرورة إعادة منهجية تدريس علوم الشريعة بحيث يتم إرساء فلسفة جديدة وعميقة تحدد كيفية تناول هذه العلوم، وكيفية بناء الطالب في هذا السياق عقلاً ووجدانا، وبناء مهاراته في الاتصال والتفاعل مع المجتمع، بحيث يتم النظر إلى الاسلام بوصفه الوعاء الحضاري الكبير للأمة والإطار الثقافي الواسع الذي يبني منظومة القيم لدى الانسان العربي، وبوصفه ملهماً للأمة ومصدراً لهويتها، ومنطلقاً لإرساء قواعد راسخة لأنظمة معرفية عملية قادرة على إعادة صياغة المجتمع الذي يحمل مشاريع الإعمار النظيف الراقي الجميل.
أما الملحوظة الثانية فهي التي تتعلق بالتحذير من الوقوع في إيقاد نار التعصب بكل أشكاله وألوانه، وخاصة التعصب الديني والمذهبي، وفي هذا الإطار ينبغي دراسة المشاريع السياسية العالمية والإقليمية بطريقة علمية موضوعية، تبتعد عن وصفها بأي صفة مذهبية أو دينية أو عرقية، ويمكن الحديث عنها بهويتها الحضارية العالمية، أو من خلال نسبتها إلى الدولة، وفي تعبير أكثر وضوحاً، لست ميالاً للحديث عن «المشروع الشيعي» ولا المشروع الفارسي، وذلك أنّ الأمة الاسلامية أمة كبيرة تضم مجموعة من المذاهب ومجموعة من الأعراق ومجموعة من الأديان ومجموعة من الاتجاهات الفكرية والأيدولوجية.
(الدستور)