وزراء إعلام من القرن الماضي
سامي الزبيدي
26-02-2008 02:00 AM
حين أسدل الستار على الحقبة السوفييتية بإنزال العلم الأحمر من على سارية الكريملين ليلة عيد الميلاد عام 1991 علق الرئيس الاميركي جورج بوش الأب على الحدث مستعيرا جملة للروائي الفرنسي فيكتور هوغو تقول : "لا يمكن الوقوف بوجه فكرة آن أوانها"، وهي جملة بالغة الدلالة على الحتميات التاريخية، المهم في الأمر أن الاتحاد السوفييتي ذهب بقدميه إلى المتحف واستقر هناك إلى الأبد وطويت صفحة من التطبيق الشمولي لفكرة مثالية، وبقيت الأمة الروسية أمة حية بالرغم من كونها انتقلت من نظام سياسي إلى آخر.الوقوف بوجه فكرة آن أوانها يشبه تماما صد الرياح بيدين عاريتين وهو مشهد يختزل موقف وزراء الإعلام العرب الذين اجتمعوا لإقرار وثيقة حول البث الفضائي، مؤكدين ، عبر سلة المفردات المستخدمة في بيانهم ، مدى التأخر الذي "تنعم فيه المؤسسات القومية العربية فالأصل أن لا يكون لدينا وزراء إعلام أصلا، فضلا عن كون تلك الوثيقة تعبر بصورة لا تقبل اللبس عن مدى التخلف الحضاري الذي تقبع به الأطر الرسمية للأمة العربية.
ينبغي أن تقتنع الدول العربية بضرورة انسحابها من حقل الإعلام وعليها أن تقبل الاعتراف بان الفضاء لا يمكن تعليبه أو أن الأثير لا يمكن تغليفه وان من يلحقه ضرر سواء شخص طبيعي او اعتباري فان القضاء هو المكان المناسب لاستعادة الحقوق.
الدول التي تعيش فعلا في القرن الحادي والعشرين تخففت مبكرا من وزر الإبقاء على وزارة للإعلام ، تلك الوزارة التي تعد الشقيق التوأم لوزارات الداخلية بكل ما تحمله من دلالات على مستوى الوطن العربي.
لم يسبق البتة أن قبل احد منا نحن العرب الذهاب بمحض إرادته إلى المتحف ليستقر هناك، لذلك فانك قد تلتقي بمومياء أو أكثر بكامل قيافتها تشارك في الاجتماعات القومية وتصدر البيانات، و تلك البيانات ،على جزالة ألفاظها، تبقى شاهدا أضافيا على موات الثقافة وتفسخها.
إن الخوف على القيم البالية والعادات الموغلة في التأخر يثير السخرية فعلا إذ أن الاحرى بنا نسف الكثير منها خصوصا تلك التي تؤبد الجهل وتعمق الفكر الغيبي وترفض الحقائق العلمية الموضوعية لا أن نصدر البيانات لإنقاذها من براثن الانفتاح والتحرر.
بين الموت الحضاري والموت الجسدي فرق جوهري فالبعض يموت ويوارى الثرى لكنه حاضر في شعره وادبة ومنجزاته العلمية في حين تزكم انفك رائحة التفسخ والتحلل لجسد هيئة أو مؤسسة أو فرد ميت رغم كونه يواصل التحرك بين الأحياء.
أليس من المثير للخيال أن العمل العربي المشترك لم ينجح سوى فيما يتصل بتطوير أدوات القمع الجسدي والفكري؟!
عموما الوحدة العربية لم تتحقق بعد ببساطة لأنها فكرة لم يحن أوانها بعد، ونحمد الله على ذلك
samizobaidi@gmail.com.