لعل قادة كيان الإحتلال مضطرون لقراءة التحول في الحالة العربية تجاه إسرائيل، فالأمر لم يعد معسكراً يؤمن بالسلام ويُقاتل من أجله، وآخر يرفض فكرة الحل السياسي، فما فعلته السياسات الإسرائيلية إستطاع أن يصنع طريقاً ثالثاً جريئاً وصاحب منطق يقوم على الذين قاتلوا لمناصرة فكرة الحل السياسي، ودافعوا عن فكرة السلام والدولتين والتعاون الإقليمي، وربما دفعوا ثمناً شعبياً لهذه المواقف لكنهم بعد أن مضت عملية السلام وأنهت مراحلها البروتوكولية من تواقيع وتصوير وزيارات، أكتشفوا أن كيان الاحتلال يُعطل جوهر ما قاتل معسكر السلام من أجله وهو حل القضية الفلسطينية حلاً حقيقياً قائما على قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية على أرضه وترابه.
الطريق الثالث رجال ممن قادوا عمليات التفاوض ودافعوا عنها يوم أن كانت محل رفض شعبي، وكان سؤال مصداقية إسرائيل مطروحاً، لكن من تلك المجموعة اليوم من وصلوا إلى قناعة بأن السلام غير ممكن بل حالة مستحيلة مع كيان الإحتلال يُفكر ويعمل بذات العقلية التي تدير بها بعد (23) عاماً على مدريد، تُفكر إسرائيل ليس بتنفيذ ما تم الإتفاق عليه، بل بطريقة عنصرية عنوانها يهودية الدولة، فأي تطرف أكبر من دولة تريد أن يكون كل سكانها يهودا، لا تريد أي آخر ولا تؤمن بأي علاقة مع أي دين أو قومية.
«يهودية الدولة» ليست شرطاً سياسياً بل تفكير متطرف يقوم على تطهير الأرض التي يقوم عليها كيان الإحتلال إلا من اليهود، فحتى حملة الجنسية الإسرائيلية من غير اليهود لا تريدهم فأي فكرٍ هذا الذي قد يكون طرفاً في عملية سلام حقيقية تُعطي للشعب الفلسطيني حقوقه.
نجحت إسرائيل في بناء طريق ثالث ممن آمنوا بفكرة السلام لكنهم اليوم يؤمنون أن هذا السلام غير ممكن مع كيان بهذه المواصفات، كيان يرفع راية الإتهام لأعدائه بالسامية والعنصرية، مع أن كل فعل تمارسه سلطات الإحتلال إضافة نوعية للفكر العنصري الذي لا يؤمن بالآخر، وحُلمه دولة ليس فيها إلا اليهود!!.
على إسرائيل أن تعتذر لكل الذين دافعوا عن سلام والذين أعتقدوا في لحظة أن في المنطقة حقا سيعود وتعايشا وازدهارا اقتصاديا فهؤلاء من الصف الأول من المتضررين من كيان لا يرى حقاً لآخر.
الرأي