" الهريبة تلثين المراجل " هكذا يقول المثل ، و " الهريبة " التي يعنيها المثل هي الفرار ، فلو كنت في " هوشة " واجهت فيها أكثر من شخص فما عليك سوى الفرار لتضمن سلامتك وعافيتك ، لن يقول عنك احد حينها أنك " جبان " ، " الهريبة " هذه ذكرتني في بعض البشر يسكنون في الأردن ، يسكنون " واللهم لا حسد " في أجمل القصور ويركبون أفخم السيارات الفارهة ويأكلون أجود الاصناف العالمية من الماكولات ، بارعون في تعظيم مواردهم الإقتصادية في الوقت الذي تزيد الثقوب في جيوب وملابس الطبقة الوسطى من المواطنين وتزيد فيها " الحفر " في شوارعنا وكل مظاهر " الطفر " في مؤسساتنا الخدمية العامة وهؤلاء البعض من الأثرياء يتفنون في التهرب من دفع ضريبة الدخل التي وصلت كما صرح وزير المالية مؤخرا إلى " مليار ونصف دينار " أردني ...!!!!
العمل جار الآن لإستصدار قانون جديد لضريبة الدخل مع انه لم يمضي على تطبيق القانون الحالي سوى أربع سنوات ليكون السؤال الأبرز هو هل سيضمن القانون الجديد القادم التعامل بكفاءة وجد مع هؤلاء " الهريبة " الذين ما زالو يتفنون في الهروب من دفع الضريبة ؟ ، وهل ستتفنن الحكومة يا ترى بإحكام السيطرة على أولئك البعض الذي ما زالوا يمارسون التهرب الضريبي وإغلاق هذا المسلسل المتزايد من التهرب الضريبي ؟ .
صدقا انه شيء مثير للصدمة عندما يسمع المواطن العادي والذي " نشف ريقه " للحصول على دعم المحروقات بإجمالي مبلغ التهرب الضريبي في الوقت الذي شاهدنا فيها الحكومة مؤخرا تبدع في إجراءات تقديم الطلبات للحصول على الدعم ، ويولد لديه بالإحساس بعدم الثقة فيها حينما تكون وكما يقول المثل " شطارتك علي وعلى غيري يفتح الله " ..!!!
لا شك ان هذا الشعور بعدم الثقة لن يتولد في نفوس من الطبقة الوسطى فقط " والتي أصبحت للأسف الشديد الطبقة الأسفلت التي يجب ان تكون طريقا معبدا بسهولة ويسر في الجباية وتحصيل الإلتزامات الجكومية " ولكنه ايضا سينتاب اولئك الشجعان من المؤسسات والشركات الإقتصادية الخاصة الذين يدفعون ما عليهم من إستحقاق ضريبي دون غش او تدليس في السجلات والقيود المالية المطلوبة بل وسيكبح روح المنافسة الشريفة لديهم .
وإذا كنا نتحدث اليوم عن العنف المجتمعي الذي ينتاب المجتمع لدينا فالجميع يعلم أن الفوارق الإجتماعية الكبيرة التي انتابت المجتمع هي من أحد أسبابه والفوارق الإجتماعية التي تزيد في المجتمع يعتبر التهرب الضريبي أيضا من اهم وأبرز اسبابها ، أتمنى من كل قلبي ان يعالج القانون الجديد لضريبة الدخل الثغرات التي مكنت وما زالت تمكن هؤلاء " الهريبة " من الجبن في دفع إستحقاق وطني ودستوري وواجب وطني وأخلاقي ، وان يوفر إجراءات رادعة بحق هؤلاء " الهريبة " الذين يمارسون الغش والتدليس على الوطن من اجل حفنة من الدنانير ، فهريبتهم هنا ليس شجاعة او رجولة بل جبن رخيص .