الصحافة الورقية .. تبديل المهام أو الانكفاء
د. اسامة تليلان
05-05-2014 12:58 PM
عمون - في جولة في وسط البلد امام احد الاكشاك استوقفني عنوان كتاب كنت ابحث عنه منذ مدة، كما استوقفني ايضا عدم مشاهدتي لصحف ورقية اعتدنا دائما على مشاهدتها، اعتقدت انها نفدت، لكن واقع الحال كان غير ذلك، فقد علمت انها لم تعد سلعة مطلوبة او جاذبه.
البائع وهو واحد من قدامى متعهدي توزيع الصحف قدم مراجعة تاريخية للصحافة الورقية، كان الحديث عن البدايات مشوقاً ورائعاً على عكس النهايات التي تمر بها صحافتنا الورقية. حتى ان صاحبنا متعهد التوزيع غادر مهنة التوزيع وانتهى به المطاف في الفترة الاخيرة امام كشك لبيع الكتب.
هذا الحوار اعادني الى لقاء مع احد المسؤولين في الصحف اليومية فكرة انحسار بريق الصحافة الورقية اليومية، وتراجع مكانتها الاخبارية في سلم القراء.
قلت حينها ان تغيرات هائلة طرأت لكن قد لا يكفي ان نقول ان ثورة الاتصالات وانتشار شبكة الانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي والمواقع الاخبارية والقنوات الفضائية هي المسؤولة فقط عن هذا الواقع رغم ضخامة اثرها.
فقد تنوعت وسائل واوعية المعلومات وباتت تنتقل بسرعة يصعب حسابها وهذا ربما بات اكبر تحد امام الصحافة الورقية ليس في الاردن فقط وإنما في العالم. وربما كان رهان القائمين على هذه المهنة بانه ما زال هناك وقت طويل حتى تواجه الصحافة الورقية ازمة انحسار وتبلد.
ربما كان الرهان في حالتنا على أمرين؛ الاول انه من غير المتوقع ان تتسع دائرة انتشار الشبكة العنكبوتية بهذه السرعة بحيث تصبح متاحة امام الجميع فقد بات الاشتراك الشهري بهذه الشبكة فضلا عما يوفره من خدمات اخرى بسعر قريب من ثمن الصحيفة الشهري والثاني الرهان على انه ليس من السهل ان تغير الناس عادتها في التعاطي مع الصحافة الورقية لصالح الانتقال الى الشبكة العنكبوتيه.
لا شك ان الصحافة الالكترونية التفاعلية اليوم احتلت كثير من الاهمية والمتابعة على حساب الصحافة الورقية التي بدت وكانها تسير سير السلحفاه مع سرعة هذه المواقع في تناقل الاخبار وتحقيق سبق في نشر الخبر.
التحدي الذي تواجهه الصحافة الورقية اليوم لا شك كبير وهائل وعلى اكثر من صعيد وقد يصعب في المدى الابعد الحفاظ حتى على هذا الواقع البائس.
رغم ذلك، فاننا نتحدث عن حاجتنا الى الصحافة الاستقصائية ان على مستوى القضايا المركزية او على مستوى القضايا المحلية على مستوى المحافظات التي تحتاج فعلا الى عمل مهني رفيع المستوى.
كما ان الساحة ما زالت خالية تماماً من العمل الصحفي التحليلي للاحداث والقضايا بطريقة احترافية ومهنية قادرة على رفد المتابعين بما هو جديد بالتحليل والتوقع. ورفد المتابعين بالمعلومة حول مختلف القضايا الرئيسة، هذا فضلا عن أن بعض الصحف ينبغي ان يكون اتجاه فكري يتوائم مع طبيعة التغيرات السريعة التي تحدثنا في عالمنا وتهب علينا.
ان ما يوزي اهمية اثر كل عوامل التقنية وثورة الاتصالات وانتشار المواقع الاعلامية والتواصلية على الصحافة اليومية يكمن في الصحافة اليومية ذاتها، وفي قدرتها على تطوير رؤيتها الاعلامية ومهامها ودورها في عالم يشهد تحولات سريعة.
والسؤال هل تلتقط الصحافة الورقية هذه التغيرات باستدارة مهنية نحو الاستقصاء والتحليل.. بدل ان تبقى تتحسر على فقدانها للسبق الاخباري، وان تتجاوز عقدة الخبر الى التحليل.. وهل تقوى هياكلها البشرية على مثل هذا الدور.. ربما هذا التحدي الاساسي الذي ينبغي ان تجيب عليه قبل ان تستسلم لمقولة الفضاء الالكتروني وتدخل في حالة انكفاء أبدية.