فرض عقوبات أميركية على دول وشعوب العالم أصبح عملية روتينية ، فالعقوبات هي الخيار الأول للإدارة الأميركية تجاه الدول التي لا ترضى عن سلوكها.
35 دولة في عالم اليوم تخضع لعقوبات أميركية متفاوتة ، معظمها اقتصادية ، حدها الأقصى الحصار والمقاطعة وحدها الأدنى منع السفر إلى أميركا. ولا ننسى تجميد الأموال والأصول التي تدخل في باب القرصنة وقد أساءت إلى مركز أميركا المالي وجعلت بعض الدول والأفراد يتجنبون إيداع أموالهم في البنوك الأميركية خوفاً من التجميد.
لم تثبت جدوى هذه العقوبات بجميع درجاتها. وبعد 40 عاماً من الحصار على كوبا لم يسقط النظام الكوبي ، ولكن الأذى لحق بالشعب الكوبي الذي تدّعي أميركا الانحياز له.
الحصار الخانق على العراق لمدة 13 سنة لم يخضع العراق لإرادة أميركا ، وكل ما هنالك أنه ألحق الأذى بالمرضى والفقراء من أبناء وبنات الشعب العراقي دون أن يؤثر على الحكام.
لم يثبت عملياً أن العقوبات الأميركية حققت نتائج إيجابية ، وليست هناك دولة في العالم استسلمت للإرادة الأميركية بسبب العقوبات ، كل ما هنالك أن فرض العقوبات عملية سهلة تحتاج لقرار وبيان إعلامي والتظاهر بالانتصار.
ومن المؤكد أن منع عشرة مسؤولين روس من الدرجة الثانية من دخول أميركا لن يجعل روسيا تتخلى عن شبه جزيرة القرم.
آخر مهازل العقوبات الأميركية التهديد بمعاقبة الشعب الفلسطيني إذا تصالح مع نفسه وأقام حكومة كفاءات تمثل الضفة والقطاع. العقوبة المقصودة وقف المساعدات المالية الهزيلة والتخلي عن عملية السلام الفاشلة ، مع أن حكومة الوحدة الوطنية ستكون برئاسة عباس ولن تضم وزيراً من حماس أو فتح.
كانت إسرائيل تأخذ على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لا يمثل سوى نصف فلسطين ، وعندما يصبح ممثلاً لكل فلسطين تقرر أن السلام معه أصبح مستحيلاً!.
أميركا تدعو العالم إلى الديمقراطية والانتخابات ولكنها تهدد سوريا بالمزيد من العقوبات إذا أجرت انتخابات رئاسية!.
العقوبات سلاح ذو حدين ، والمقاطعة الاقتصادية تلحق الضرر بالطرفين ، وخاصة الصناعة الأميركية التي تعتمد على التصدير. ولكن الضرر الأساسي يقع على كاهل الشعوب ، وخاصة الفئات الفقيرة.
والعقوبات تشكل اعتداء على حرية التجارة وحرية حركة الناس والسلع والأموال عبر الحدود في عصر العولمة ، ولا تنسجم مع أبسط مبادئ الحرية وحقوق الإنسان ويعتبرها المستهدفون وسام شرف على صدورهم.
(الرأي)