لماذا تتهرب المدارس الخاصة من الضمان ؟!
د.عبدالله القضاة
05-05-2014 03:01 AM
زرت يوما احدى المدارس الخاصة في عمان ، بهدف تسجيل ابنتي للدراسة فيها ، وجلست في غرفة المديرة ؛التي ارسلني اليها احد الاصدقاء ؛ وكان عدد من المعلمات يجلسن حولها ...، وبعد حوار معها حول الرسوم ، اساليب التدريس ، ومتطلبات المدرسة ، أعلمتني المديرة انها ستتوصى بابنتي وأشركت المعلمات في حديثنا ،وعند معرفتهن بمكان عملي ،أثار ذلك فضولهن للسؤال عن حقوقهن في الضمان الاجتماعي ، وطلبن معرفة الرواتب التقاعدية التي سيحصلن عليها مستقبلا. بدوري ، وجدت تلك فرصة لإيصال رسالة لهن ، فطلبت من كل واحدة راتبها ، فردت احداهن : أي راتب تقصد ؟! ، فقلت : الراتب الشهري الذي تحصلن عليه من المدرسة. فقالت اخرى : يوجد راتبان أيهما تريد ؟ فقلت : ماذا تقصدين بالراتبين ؟ فقالت : راتب مصرح به للضمان ومقداره 190 دينارا ، والآخر نتسلمه شهريا ويتراوح بين 300 إلى 500 دينارا. فقلت : أنتن بخير فأغلب المدارس الخاصة خارج العاصمة تعمل العكس ، فتصرح للضمان براتب 190 دينارا وتعطي المعلمة 120 دينارا أو أقل . وبكل الاحوال فانتن متضررات من ذلك ، فلماذا لاتخبرن مؤسسة الضمان بهذا التلاعب ؛ فهذا ظلم ؟، ردت احداهن على استحياء إن فعلن ذلك سنبقى في بيوتنا !!.
بعد ذلك ؛ التفت إلى مديرة المدرسة وتساءلت :هل يجوز شرعا وقانونا ماتقوم به ادارتكم من انتقاص لحقوق المعلمات وحقوق مؤسسة الضمان الاجتماعي ،والتي تعد اموالها وقفا لعمال ألوطن ؟! ألا يتناقض سلوك مدرستكم مع الشعارات التربوية والعبارات الوطنية التي تغطي جدرانها ومنشوراتها الدعائية ؟!، ثم ؛ انكم تحصلون على رسوم خيالية على تدريس أبنائنا تضاهي رسوم الجامعات العريقة .! شعرت المديرة بالخجل وطأطأت رأسها وقالت : انا مجرد موظفة !!! بعدها خرجت وابنتي الى غير رجعة .
إستذكرت هذه القصة بعدما تلقيت دعوة كريمة من الأخ الزميل مدير إدارة المركز الإعلامي لحضور جلسة العصف الذهني التي تقيمها المؤسسة لدراسة واقع المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة وبرعاية ودعم مباشر من مدير عام المؤسسة وبحضور ممثلين عن كافة الشركاء المعنيين في هذا المجال ، وذلك لوضع رؤية تشاركيه للحد من التهرب التأميني لمعظم المدارس الخاصة من الضمان .
وهنا وجدت الفرصة سانحة لطرح التساؤلات التالية ، لقناعتي المطلقة أن الحكومة قادرة ومن خلال قرارات سريعة على حل ما لايقل عن (80 %) من نسبة تهرب المنشآت من الضمان الاجتماعي ، وبشكل خاص المدارس غير الحكومية ، من خلال الإجابة على هذه التساؤلات ، وهي : لماذا لا يصدر قرار حكومي بإلزام كافة المدارس الخاصة بتسليم رواتب العاملين لديها من خلال البنوك وصرف قسيمة بقيمة الراتب المحول شهريا لكل واحد منهم ؟! ، ولماذا لا يتم توقيع كشوف رواتب هؤلاء العاملين من مندوب التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم في شهر كانون ثاني من كل عام ؟! ولماذا لا يصدر قرار حكومي بعدم اعتماد كشوف رواتب العاملين من قبل ضريبة الدخل إلا بعد توقيعه من مؤسسة الضمان الاجتماعي ؟! ، ثم ؛ لماذا لا يصدر قرار وزاري يلزم المدارس الخاصة بتوقيع عقود سنوية للمعلمين بدلا من العقود المحددة بمدة تسعة أشهر ؟! ، وبقي تساؤلا موجها لمعالي استاذنا وزير التربية والتعليم : كيف تقبل وزارتنا العريقة أن يكون راتب المعلمة في معظم المدارس الخاصة 120 دينارا وأقل ؟! ، علما ان راتب المعلمة في وزارة التربية والتعليم يتجاوز 420 دينارا ، ومع ذلك يعزي البعض تراجع مستوى التعليم الحكومي الى تدني اجور المعلمين ، فإن صح ذلك فكيف سنثق بكثير من التعليم الخاص ؟! كون فاقد الشيء لا يعطيه .
نتطلع الى مشاركة فاعلة من شركائنا لتشخيص مشكلة التهرب التأميني لمعظم مدارسنا الخاصة بشكل موضوعي وتقديم توصيات عملية تجد طريقها نحو التطبيق الفوري من أصحاب القرار.