ويعود مجددا الى الواجهة مسلسل استغلال الاديان لمأرب نفعية ضيقة اول من تخنق اولئك الذين يقعون فريستها ويصدقون دعاتها الدجالين الكذبة، واخطر انواع الاستغلال الديني هو التدين السياسي او ما يسمى بالحكم الديني والذي اول محطاته الفاشلة تلك التي عاينها الغرب في العصور الغابرة عندما كان يقحم الكنيسة في ادارة الحروب وفي تشريع الغايات السياسية الضيقة لخدمة ارباب السلطة.
وهناك شكل اخر من اشكال الاستغلال الديني، وهو الاستغلال الاجتماعي للاديان، كأن يعتنق الفرد دين بعينه لاهدف شخصية يحصل من خلالها على مكاسب نفعية، كأن يحصل على جنسية دولة اجنبية كبرى بعد ان غير دينه لتلك الغاية، او ان يغير الفرد دينه للهروب من قضايا في المحكمة الشرعية الخاصة بطائفته الدينية، او للزواج من شخص يحجب عليه دينه الزواج المختلط الاديان.
اننا نعيش اليوم في اوج عصر التكنولوجيا المعرفية والانفتاح الاعلامي بشتى وسائله حيث انفتحت الحضارات وتقاربت الايدولوجيات وصار القناعات تترسخ في العقول الكبيرة والمتفتحة ان الدين لله وهو اي الدين يمثل علاقة خاصة جدا بين العبد وربه وغالبا ما تكون سرية، فلا احد يحكم على احد من خلال الممارسات الدينية الظاهرة، فالدين في الاصل باطني طالما كان ينظم علاقة الانسان بربه، وكل تلك الممارسات التي نرها انما تفيض من مليء ذلك النبع الداخلي الفياض ،ولكن هناك من يستغل الدين لبث سموم الحقد والكراهية بين ابناء الوطن الواحد للنيل من تماسك وحدته الوطنية وذلك ليس لدافع ديني وانما بدافع خارجي اي تمويل منظم من دول تدعي التدين وهي في الاصل ادوات في ايدي الصهيونية العالمية التي ترى ان يهودية دولتها المزعومة لن تقوم ما دامت العلمانية العربية تسيطر على الفكر العربي ،وحيث لا يخفى على احد المؤامرة البشعة التي تحيكها الصهيونية العالمية للامة العربية وحضارتها العريقة وثقافتها الاصيلة ومن اهم اسلحتها في حربها الشعواء ضد امتنا العربية زرع الفتنة الدينية بين الاسلام والمسيحية وبين شيع ومذاهب وطوائف الدين الواحد لتهجر التنوع الديني وتلغي الفسيفساء الغيرية لتجعل الشيعة في دولة والسنة في دولة والدروز في اخرى والمسيحيين الكاثوليك في دولة والمسيحيين الارثوذكس في دولة مجاورة وهكذا تقوم يهودية الدولة على مبدأ العدالة الدينية كما في باقي الديانات.
ولكن هذا لن يحدث ما دامت وحدتنا الوطنية اسلام ومسيحية متجذرة للعمق و مادامت القيادة الهاشمية الحكيمة تسوس خيولها بحكمة الارث الهاشمي فأن كل فتنة دينية في الاردن وان حدثت فهي عابرة والعبرة منها فاتنة.