مساء الجمعة الماضي، دعيت إلى حفل عشاء على شرف أربعة رجال رجال، أسهموا في إنجاز صلح ذات البين، بين عشيرتي "الرمامنة"، ويمثلها الشيخ المحترم توفيق أبو رمان "أبو مصطفى"، وعشيرة البستنجي ويمثلها النائب السابق يوسف البستنجي، وكذلك كبير الأمناء سمو الأمير رعد بن زيد، ومن أنجز المصالحة الشيخ الداعية بركات الزهير، وكان الحفل في الكمالية، تحت رعاية سمو الأمير رعد بن زيد، الذي انتدب وزير البلديات السابق نادر ظهيرات، وبدعوة من أمين عام حزب الحياة الأردني، الأستاذ ظاهر عمرو، داعية الوحدة الوطنية في هذا البلد.
تكمن القصة في "طوشة" بين بعض الأولاد الصغار من العشيرتين وتطور الموقف إلى قيام البعض بعدم مراعاة أصول "الولدنة"، وقام شباب البستنجية بـ"خطف" شاب من الرمامنة، ما أدى إلى انعطافة حادة في الخلاف الدائر، وبالتالي برزت الحاجة ماسة إلى تدخل الرجال الرجال، لإصلاح ذات البين ، منعا لتطور الخلاف وانتقاله من الصغار إلى الكبار خاصة وأن العشيرتين المتورطتين من أصول مختلفة ظاهريا "أردني –فلسطيني".
ذهب شيخ البستنجية إلى شيخ الرمامنة بكل قيافة الرجل الذي يتحمل المسؤولية عن أخطاء عشيرته، وخاطب شيخ الرمامنة بما يليق به وقال له أنه جاءه معترفا بالخطأ ومستعدا لتقديم كل ما يلزم، وأنه يحمل كفنه بيديه، فما كان من شيخ عشيرة الرمامنة أبو مصطفى الذي باتت تربطني به علاقة حميمة منذ أسبوعين،إلا أنه عفا، وسامح ، فالعفو عند المقدرة، وهو من شيم الرجال الرجال.
حضر حفل التكريم وجهاء من المكونين "الرمامنة والبستنجية"، ورهط كبير من الشخصيات المحترمة الذين ينتمون بحق لهذا الوطن المعطاء، الذين جاءوا للاحتفاء والاحتفال بصلح ذات البين بسبب جهل الصغار، فهذه المناسبة العزيزة على نفوس المخلصين من أبناء هذا الوطن، مع اننا هذه الأيام نعاني من جهل وحقد بعض الكبار الذين يعبثون بوحدتنا الوطنية عن سابق إصرار وترصد.
كنت أرقب صور اللقاء والمصافحة بين وجهاء العشيرتين المتصالحتين، وكم كانت اللقاءات حميمية ،أثبتت أن الدم لن يتحول إلى ماء، كما يتخيل البعض الذين لفظهم التاريخ مبكرا لولائهم الكاذب والإنتهازي.
المضيف الكريم ظاهر عمرو الذي كرم الأطراف الأربعة في بيته العامر، قال في كلمة أمام الحضور أن الأردن حاضنة العرب جميعا، وأن صورته مشرقة وسيبقى بقيادته الهاشمية شامخا إلى يوم الدين.
وقال إن صلة القرابة بينه وبين عشيرة البستنجية ليست من اختياره، لكن علاقة الصداقة بينه وبين شيخ عشيرة الرمامنة الحاج توفيق أبو رمان"أبو مصطفى" ، هي من اختياره ويفتخر بها، وهو الذي يحظى بالتقدير من قبل عائلة البستنجية، تنازل طوعا عن كافة الحقوق المترتبة لعشيرته من قبل عائلة البستنجية ،وبذلك تمت المصالحة الكريمة التي باتت حديث العشائر الأردنية كما شهد أحد شيوخ الكرك الأبية في تلك الليلة ،والذي وجه الدعوة لوجهاء الرمامنة لزيارة الكرك وأن يحلوا ضيوفا أعزاء على مضاربها.
وذكر الأستاذ عمرو بالآية الكريمة التي تقول:"وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ،إن أكرمكم عند الله أتقاكم"،كما عبر عن تقديره العميق للعشائرية الحقة المعطاءة الرافدةللقانون وإصلاح ذات البين ،والعفو عند المقدرة،لتحويل العداوة إلى محبة ،وعندما تسود المحبة أي وطن ،تظهر السعادة فيه .
وتحدث الأستاذ عمرو عن المواطنة الحقة ومعانيها وآثارها،وقال أن كل من يعيش على ثرى هذا الوطن يقدرونه ولا ينسون مسقط رؤوسهم ،وبعد ذلك جرى تكريم الشيخ توفيق أبو رمان والنائب السابق يوسف البستنجي وسمو الأمير رعد بن زيد والشيخ الداعية بركات الزهير.
بعد ذلك تحدث الشيخ توفيق أبورمان بلسان الحكماء المؤتمنين على أوطانهم وعشائرهم، مثمنا مواقف الأستاذ ظاهر عمرو، وقال أن جمع هذا العدد الكبير من الشخصيات الوطنية الأردنية ، أهم من الصلح الذي تم ،وروى قصصا من التاريخ الإسلامي وغاص في معاني ومفاهيم الوفاء والسماح والشهامة عند العرب والمسلمين .
بقي القول إننا بحاجة في هذه المرحلة لتغليب الحكمة على الجهل والمصالح العامة على الخاصة، والتفكير بإخلاص كيف ننجي هذا البلد مما يخطط ويحاك له في ليلة ظلماء،من قبل أعداء الوطن وحاقدين باحثين عن مصالحهم الشخصية، خاصة وأن البعض يحاول الصراخ عاليا كي يسمعه صانع القرار ويرضيه بمنصب، بحجة أنه خائف على الوطن.