أكد الملك عبد الله الأول على عروبة فلسطين ، فقد كتب للمندوب السامي بتاريخ 2/7/1930 بعد حوادث حائط البراق : " .... عقم الأمنية اليهودية في فلسطين بعد الوقائع الأخيرة التي تقضي على كل أمل في امكان مجاورة هؤلاء الدخلاء للعرب في ذلك الوطن العامر بالعرب منذ 13 قرنا متطاولة".وفي 18/10/1933 و25/7/1934 كتب جلالته يحتج لتدفق الهجرة إلى فلسطين ، وفي حزيران 1936 عقد مؤتمر كبير لشيوخ شرقي الأردن وكتبوا لوزارة الخارجية البريطانية ، وأعلنوا استعدادهم للجهاد في فلسطين . وكتب الملك عبد الله الأول في 10/1/1937 مذكرة للجنة الملكية التي أوفدت للتحقيق في فلسطين : " إن اليهود يحتجون بتصريح بلفور وان لهم بمقتضاه وطنا قوميا في فلسطين وقد كان ذلك يجوز شرعا وعقلا لو كانت فلسطين قفرا بلقعا خاليا من الناس ، ولكن فلسطين كانت مأهولة يوم صدر هذا التصريح ولها سكانها الاصليون فبأي حق تستبد امة بحق وطن آخر فتعطيه لآخرين وأهله أحياء يرزقون ؟ .
وقد اقترح الملك عبد الله الأول عام 1938انشاء مملكة موحدة من الأردن وفلسطين على أن تعطي هذه المملكة إدارة مختارة لليهود في المناطق اليهودية ويمثل اليهود في برلمان هذه الدولة . وفي 3/3/1944 ابرق الملك عبد إلى المستر روزفلت رئيس الولايات المتحدة يلفت نظره للكونغرس المالي لليهود قائلا : " إن مذكرات الكونغرس تغاير مبدأ حريات الأمم والقضاء على الظلم الذي تحارب الأمم المتحدة في سبيله " وفي يوم البيعة للملك عبد الله الأول بالملك في 25/5/1946 قال : " إننا نعاهد الله على الجهاد القدس دفاعا عن فلسطين العربية والعمل على أن تظل عربية" ، - وعندما صدر قرار التقسيم عام 1947 أعلن الأردن والدول العربية بطلان التقسيم وقامت الحكومة بتأسيس جيش الإنقاذ من ثمانية أفواج ، سلمت الحكومة الأردنية ألف بندقية و500 ألف طلقة وكمية من الرشاشات ، وسلحت الحكومة الأردنية ألفي متطوع ، وأرسلت متطوعين إلى القدس ، وأعطيت الأوامر للجيش الأردني لتدريب المقاتلين الفلسطينيين في حيفا وعكا ، وعندما قرر العرب دخول فلسطين اثر إنهاء الانتداب 15 أيار 1948 وأسندت القيادة للملك عبد الله بعد أن اعتذر عنها الملك فاروق وقد حشد الأردن 4500 جندي وشارك 1200 متطوع من القبائل الأردنية وقاد الملازم الأول محمد الحنيطي قيادة المجاهدين في حيفا والرئيس راضي العبد الله في يافا ، والملازم ضرغام الفالح قام بمساعدة المناضلين من أبناء غزة ورفح وكانت السرية الأردنية تتولى حراسة أبواب غزة وهاجم الملازم نواف الجبر مستعمرة كفار عصيون واحتلها في 13/5/1948 كما هاجم الرئيس حكمت مهيار يوم 14 أيار ثلاث مستعمرات مجاورة لكفار عصيون وهي ريفاديم وماسووت اسحاق وعين تسوريم وكذلك هاجم رامات راحيل واحتلتها وقد وجه الملك عبد الله رسالة إلى اليهود قال فيها : " إن الشوط طويل والعرب كثير ، وقد بغيتم ولا نصر للباغي " ،
وقد شاركت مجموعات كبيرة من المجاهدين من ابناء العشائر الاردنية بقيادة شيوخها ووجهائها فقد كان من المجاهدين الاردنيين في اللد والرملة والمناطق المجاورة بفلسطين مجموعة من المجاهدين من شرقي الا ردن مع كل واحد منهم مجموعة من أبناء عشائرهم ، منهم :
• الشيخ مثقال الفايز ، ومعه مجموعة من بني صخر منهم ولده نواش .
• الشيخ هايل بن سرور ، شيخ عشائر أهل الجبل ، ومعه مجموعة من عشائر أهل الجبل .
• الشيخ جمال عطوي المجالية ، ومعه مجموعة من أبناء الكرك .
• الشيخ عودة بن حامي الأصفر، ومعه مجموعة من عشائر بني عطية.
• الشيخ فضيل الشهوان ، ومعه مجموعة من عشائر العجارمة .
• الشيخ صالح القعدان ، ومعه مجموعة من عشائر العدوان .
• الشيخ عبد الحفيظ درويش المناصير ، ومعه مجموعة من عشائر المناصير من قبيلة عباد ؛ حيث ذهب معه ( 37 ) مجاهدا إلى منطقة اللد والرملة عام 1948معظمهم من المناصير من سكان قرية البحاث في وادي الشتاء جنوبي وادي السير، والتحق معه هناك مجاهدون أو مناضلون من : النعيمات ( عباد) ، والمهيرات (عباد) ، والعجارمة ، والخرابشة ( السلط) ، والسكر(العدوان) ، والعساف( العدوان) ، وشركس وادي السير .
• مجموعة من المجاهدين الحجازيين ، من الحجاز.
وقد خاض الجيش العربي الأردني حرب 1948 وتمكن من إنقاذ الضفة الغربية والقدس، وتشهد له معارك أسوار القدس وباب الواد وشعفاط والشيخ جراح وباب العامود وجبل المشارف والجامعة العبرية ومستشفى هداسا وجبل الزيتون ومياشيرم والصرارة وعمارة الروتردام واللطرون والبلدة القديمة وحارة اليهود ، وقد خسر اليهود في معارك باب الواد ضعفي ما خسروه في معارك فلسطين كلها وقد اسر الجيش العربي الأردني 700 من المحاربين اليهود بينما اسر اليهود أربعة جنود أردنيين جرحى والجيش الأردني هو الوحيد الذي اخذ أسرى يهود دون الجيوش العربية الأخرى .
وبعد أن تمكن الجيش العربي الأردني من إنقاذ القدس والضفة الغربية ، عين الملك عبد الله الأول عددا من الحكام العسكريين على الجزء المحرر من فلسطين ، فعين احمد حلمي حاكما على القدس وعارف العارف في رام الله ومصطفى الرفاعي في الخليل وإبراهيم هاشم حاكما عسكريا عاما ، وعين بعده عمر مطر ، ثم عين صالح المجالية حاكما عسكريا للخليل . ثم صدر قانون الإدارة العامة في فلسطين في 16 آذار 1949 ، فألغيت وظائف الحكام العسكريين الأردنيين في فلسطين وتولى أعمال الإدارة موظفون مدنيون ، فعين عمر مطر حاكما إداريا عاما للمناطق التي يسيطر عليها الجيش الأردني في فلسطين ، وعينت الحكومة الأردنية متصرفين مدنيين لكل من ألوية القدس ونابلس والخليل ، ثم عين فلاح المدادحة حاكما ادريا وواليا للقدس الشريف ، وتلاه راغب النشاشيبي ، وفي كانون الأول أنهيت مهمة الحاكم الإداري العام وربط متصرفو الألوية بوزير الداخلية . وأحدثت وزارة للاجئين الفلسطينيين تولاها راغب النشاشيبي ، واستمرت الوزارة إلى وحدة الضفتين عام 1950 بعد عقد مؤتمرات في عمان برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي وأريحا برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري رئيس بلدية الخليل ، أعلن الفلسطينيون فيها مبايعة الملك عبد الله ملكا عاما على فلسطين كلها . وقد أبرقت قرارات المؤتمرات الفلسطينية إلى الحكومات العربية وجامعة الدول العربية ، وقد وافق مندوبو الدول العربية في مؤتمر لوزان على الوحدة بين الأردن وفلسطين ، حيث أن إنشاء حكومة فلسطينية يعتبر اعترافا بالتقسيم وتدويل القدس ، وتشكل مجلس نواب من الضفتين ، حيث أصبحت المملكة بضفتيها تتكون من 18 لواء ، وفاز في الانتخابات من فلسطين عن القدس عبد الله نعواس وكامل عريقات وأنور نسيبة ، وعن بيت لحم توفيق القطان وعبد الفتاح درويش ، وعن الخليل عبد الله بشير عمرو ورشاد الخطيب ورشاد مسودي وسعيد العزة وعن نابلس قدري طوقان وحكمت المصري ومصطفى بشناق وعبد المجيد أبو حجلة ، وعن جنين عبد الرحيم جرار وتحسين عبد الهادي ، وعن طولكرم كمال حنون وحافظ الحمد الله ، وعن رام الله موسى ناصر وخلوصي الخيري وعبد الله الريماوي .
ووافق مجلس الأمة على وحدة الضفتين في 24/4/1950 ، وقد عارض اليهود وحدة الضفتين بينما اعترفت بها بريطانيا .
وفي 20 تموز 1950استشهد الملك عبد الله الأول وهو يدخل المسجد الأقصى، وكان الأمير طلال ولي العهد يستشفي في أوروبا، فتولى الأمير نايف الذي عين وصيا للعرش ، وفي 6 أيلول عام 1950 عاد الملك طلال إلى البلاد وتولى الحكم ، ونودي بالحسين بن طلال وليا للعهد في 9 أيلول ، وفي أيار 1951 غادر الملك طلال البلاد للاستشفاء ، وتحول العرش إلى الملك الحسين بن طلال تحت مجلس وصاية إلى أن يتم السن القانونية في 2 أيار 1953 ، وتولى بعده جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في 1999.
وهكذا أسست إمارة الشرق العربي في الأردن عام 1921 ، واستقلت في 25/5/1923 باسم شرقي الأردن ، على يد الملك المؤسس عبد الله بن الحسين الذي ما توانى يوما في تحقيق آمال العرب بالحرية والاستقلال ، وعمل جاهدا لتخليص فلسطين من الاحتلال البريطاني وسيطرة العصابات الصهيونية على أنحاء واسعة من فلسطين ، وقد تمكن من تخليص القدس من الانتداب والاحتلال ، وقامت المملكة الأردنية الهاشمية في 25/5/ 1946، كمملكة مستقلة استقلالا تاما .