حتى اليوم، وبعد مرور نحو أسبوعين، لا جديد، بالرغم من أنّ مؤسسات الدولة جميعها، انشغلت بمحاولة إطلاق سراح السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان منذ لحظة إعلان خبر اختطافه.
المحاولات والجهود مستمرة لاسترجاعه، لكن مع الوقت يضعف الأمل باحتمالية التوصل إلى نتائج إيجابية بهذا الخصوص، ليس نتيجة تقصير رسمي، بل بسبب الفوضى التي تعيشها مؤسسات الحكم في البلد الشقيق.
لم تنقطع الاتصالات الأردنية مع الحكومة الليبية لتحرير العيطان من خلال التفاوض المباشر معها، بيد أن التفاصيل المتعلقة بالقضية خلال الفترة الماضية هي نفسها لم تتغير، وخلاصتها تسليم العيطان مقابل إطلاق سراح السجين الليبي محمد درسي، الذي حُكم بالسجن في الأردن بعد أن اتهم مع أشخاص آخرين من جنسيات عربية بتشكيل خلية إرهابية تخطط للقيام بعمليات تستهدف منشآت حيوية.
الحكومة مقلة بالتصريحات، ولا ضير في ذلك إن كان الهدف حماية عملية التفاوض المبنية على تبادل السجناء استنادا إلى اتفاقية الرياض، وضمان نتائجها، التي بدأ الأمل يتراجع بتحقيق الهدف منها، للأسف.
لكن الأخبار لا تتوقف حول الإعلان عن اقتراب الإفراج عن العيطان، ما يجعل الشارع الأردني محكوماً بالأمل بأنْ نراه قريباً محرّراً وسالماً. بالرغم من هيمنة مشاعر الأمل علينا، فمن الضروري ألا نتجاهل السؤال المحوري اليوم الذي يفترض تحضير الإجابة بخصوصه، فما العمل فيما لو فشلت المحاولات ولم تنفع الدبلوماسية والمساعي الودّية الراهنة في إطلاق سراح العيطان؟
بصراحة طرح السؤال وتوفير الإجابة عنه ليسا بالأمر الهيّن، سواء على الدولة بمختلف مؤسساتها، أو على أهل العيطان الذين ينتظرون بصبر أية بارقة أمل لإنهاء أزمة ابنهم. فمثل هذا السيناريو المقلق الخطر يمثل مواجهة مع تداعيات غير مرغوبة تُرتّب تبعات كبيرة ليس لها حدود.
التجربة جديدة وسابقة بكل تفاصيلها، فالمختطَف ليس لدى دولة عدوة بل شقيقة وصديقة، المختطِفون عشيرة في دولة تعجز عن تطبيق القانون وتسعى لاسترداد ابنها الدرسي وفقا للقانون السائد لديهم. المختطَف مواطن أردني ما يزال أهله وعشيرته أيضاً يعقدون اجتماعات ولقاءات يومية لتتبع آخر أخباره والتفكير في كيفية التعامل مع قضية اختطاف ابنهم الذي يعمل موظفا بدرجة حساسة، يفترض أن القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية تحميه.
كما أن بقاء احتجاز العيطان يضر بصورة الأردن، ويعظم سيناريوهات تكرار ما حدث في دول أخرى تعاني أيضا من أوضاع معقدة.
الإيمان بالقانون والحفاظ على روح مواطن مفاضلة تمت من قبل المؤسسات، والدولة حسمتها منذ البدء، حين بدأت مفاوضات غير مباشرة مع الخاطفين حفاظا على مواطنها، بيد أن الخطأ الممكن يتمثل في أن تقدّم الدولة تنازلات كبيرة وغير مسبوقة، وتسلّم الدرسي ولا تحقق غايتها في نهاية المطاف.
هنا يُفتَح الباب على سيناريوهات شبه مستحيلة لكنها واردة، إذ يبدو ممكنا أنْ يسعى الأردن بعد فقدان الأمل، إلى طلب المساعدة من حلفائه لتحقيق الهدف المنشود والتفكير في خيارات أخرى، إذا تعثّرت الجهود الدبلوماسية الراهنة.
وسط هذا الوضع المريب ولتجنب أي حل نتائجه غير محسوبة، يلزم على كل المعنيين في ليبيا السعي لإقفال الملف، وطيّه بأقل الخسائر على الطرفين.
(الغد)