"خطيئة" الراعي في لبنان تثير زوبعة
03-05-2014 01:15 PM
عمون - رصد ووكالات - أثار إعلان بطريرك انطاكية وسائر المشرق للطائفة المارونية اللبناني بشارة الراعي انه سيرافق البابا فرنسيس في زيارته الى الاراضي المقدسة هذا الشهر، جدلاً وزوبعة كبيرين في لبنان.
وتواجه الزيارة، على المستوى السياسي، برفض لبناني شامل، لا يقتصر، بحسب محللين لبنانيين، على طائفة دون أخرى ولا على فئة دون أخرى، الا لمن يريد استثمارها داخليا أو يريد التقليل من أهمية مشهد التطبيع بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والاحتلال الاسرائيلي.
وإن أكد الراعي أن زيارته "ليست سياسية، بل دينية"، وصفت صحيفة السفير على لسان المحرر السياسي الزيارة بـ"الخطيئة التاريخية"، التي تمثل "سابقة خطيرة، برغم محاولة غبطته التقليل من أهميتها عبر نزع الطابع السياسي عنها، لمصلحة تغليب الطابع الديني الرعوي واعتبارها مجرد زيارة للأراضي المقدسة والقدس"، وهي "أمر لا يصب لا في مصلحة لبنان واللبنانيين، ولا فلسطين والفلسطينيين، ولا المسيح والمسيحيين".
ورأت الصحيفة أن "مكمن الخطورة، هو في الشكل والمضمون والتوقيت. كل البابوات الذين احتلوا سدة الكرسي الرسولي منذ العام 1948 حتى الآن، زاروا الأرضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي، صار الأمر عرفا عندهم برغم تحفظ مرجعيات سياسية ودينية عربية واسلامية على هكذا زيارات. لكن هل حصل أن شارك بطريرك لبناني في هكذا زيارة أو استقبال؟".
بدورها اعتبرت صحيفة الأخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله، أنه لا يمكن مرور زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى القدس مرور الكرام، وخصوصا أن أي بطريرك لبناني، لم يكرّس هذه السابقة، فخلال الحرب الاهلية، حين مدت الاحزاب اليمينية يدها لإسرائيل، وقفت البطريركية المارونية ضد هذه العلاقات.
وتساءلت الصحيفة "زيارة الراعي محصورة بالرعايا الموارنة، ولكن هل يثق بأن إسرائيل لن "تورطه" بأن تجعله يصافح أحد مسؤوليها أمام عدسات التصوير؟".
ولبنان في حالة حرب رسميا مع اسرائيل. ولا يمكن لاي لبناني ان يزور اسرائيل تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة "التعامل مع العدو"، الا ان رجال الدين المسيحيين، وبموجب اتفاق ضمني بين السلطات الدينية والسياسية، يذهبون الى الاراضي المقدسة في اطار مهامهم الروحية مع الرعايا المسيحيين.
ويوجد حوالى عشرة آلاف ماروني في اسرائيل والاراضي الفلسطينية.
ويسلك رجال الدين والراهبات الطرق العادية البرية عبر الاردن، او حتى عبر مطار تل ابيب، للالتحاق باديرتهم او أبرشيتهم.
وتعود "السفير" للتساؤل "اذا كان يريد أن يعطي للزيارة طابع الحرص على تجذير المسيحيين وجودهم في العاصمة الفلسطينية، هل يمكن للزيارة أن تؤدي غرضها، وهل استشار أهل القدس قبل اتخاذ قراره، وألا يمكن أن تستدرج هكذا زيارة ردود فعل من المجموعات التكفيرية الارهابية التي تكاد تفرغ دولا بكاملها من المسيحيين، خصوصا في ظل التوجه الأوروبي الفاضح لفتح أبواب الهجرة أمام المسيحيين؟ ألم يكن أجدر بالراعي أن يشارك في فضح عمليات بيع الأراضي المسيحية في القدس والتي تردد كلام عن تورط كرادلة وكهنة فيها؟".
وتتابع الصحيفة "هل تشجع الزيارة المسيحيين على الصمود في أرضهم أم تعزز التوجه الاسرائيلي لتهويد القدس وبالتالي أن تصبح عاصمة أبدية للكيان الاسرائيلي الغاصب؟ وألا يؤدي هكذا نوع من التطبيع إلى تشجيع «مؤمنين» على الاقتداء بسيدهم وبالتالي زيارة الأراضي المحتلة ساعة يشاؤون، وكيف ستتصرف الدولة اللبنانية مع هكذا نموذج؟"
وعلى المستوى الفلسطيني، تقول "السفير، لا بدّ من السؤال: ماذا يمكن لهذه الزيارة أن تقدّم للقضية الفلسطينية؟ ماذا ستكون ردة فعل الفلسطينيين؟ وما هو شعورهم؟ أي توقيت اختاره رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم ورئيس كنيسة أنطاكية وسائر المشرق؟ هل المطلوب اطلاق خطاب تصالحي عن السلاح وحل الدولتين وبالتالي منح عفو للموقف الاسرائيلي المحاصر برأي عام غربي، وخصوصا أوروبي، رافض للاستيطان ولأن تكون القدس عاصمة لدولة يهودية سيؤدي مسارها الى تهجير من بقي من المسيحيين فيها؟ الا يعني ذلك تكريسا لأمر واقع والا يعطي مشروعية للقرار الأخير الذي اتخذته سلطات الاحتلال والقاضي بفرض التجنيد الاجباري على المسيحيين العرب من أبناء المناطق المحتلة منذ العام 1948، بينما كان ذلك محصورا سابقا بأبناء الطائفة الدرزية؟
وتضيف "ألا يخشى الراعي من أفخاخ قد يخطط لها المضيفون برغم حرص المقربين منه على القول إن الزيارة «ستكون مضبوطة بالتنسيق مع الفاتيكان الذي لا يأخذ قراراً فيها إلا لأهداف بعيدة الأمد، تتعلق بكنيسة القيامة تحديداً، وإمكان وضعها تحت وصاية الكرسي البابوي، ممثلاً بالكنيسة المارونية»!.
وتتابع "لقد عرضت مثل هكذا زيارة على البطريرك الماروني السابق الكاردينال نصرالله صفير عندما زار البابا يوحنا بولس الثاني الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك عندما قام البابا بنديكتوس السادس عشر بزيارتها، لكنه رفض الانزلاق الى هكذا مطرح غير محسوب".
وتختم الصحيفة بقولها "اذا كان صفير قد قاوم إرادة مشجعين كثر له، برفضه المشاركة في استقبال البابا يوحنا بولس الثاني في دمشق، بحجة أن سوريا «قوة احتلال» في لبنان، فان الحري بالبطريرك الحالي أن يقتدي به، لكن هذه المرة باعتبار اسرائيل دولة احتلال لجزء من أرضه اللبنانية ولكل أرضه المقدسة على أرض فلسطين".