لا عيد لهم! .. *ناهض الوشاح
03-05-2014 04:02 AM
لا تستوي أصابع رقيقة تُناغي شاشة ملساء تُمارس فيها شبق محموم لتملأ الفراغ بالفراغ ، وبين أصابع خشنة انغرست في جبين شمس لا تغيب حتى يأكل التعب ما تبقّى على مائدة جسدٍ خارت قواه في رحلة نهار عميق تقي من خلفه ذُلّ السؤال .
على مفترق طفولة صاخبة كنت تخجل من سؤال صديق مازال يحن إلى التسكع معك في المقاهي الشعبية ومطاعم الكراسي المتهالكة كلما تعددت حكايات اللهفة عن جرح تركه يشتم عقارب الساعة وهي تلتقي عند الثانية عشرة موعد حضور والده ليأخذه في السيارة وتأخذك قدماك إلى مكان عمل والدك ..عنوة تغوص في أعماق الصمت وأنت تقرأ العمل بيديك لا بعينيك .
تحن ّ للوجوه البعيدة لمقعدين اثنين ... لطفلين يهمسان خلسة اذا انشغل المعلم في شرح بيت شعر للمتنبي... أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرق وجوىً يزيد وعبرة تترقرق .
ترتعش أصابعك في كتابة طبيعة عمل والده ... طبيب ... ليعيد عليك السؤال للمرة الأولى بعد الألف..ماذا يعمل والدك ؟
تمد يدك لبقايا قلم انكسر بين أصابعك ... تنحني على الأرض وهي تتراقص بين دمعات عينيك ... تُمسك لسانك عن الأجابة . غموضك سر قوتك .
من نافذة الإلياذه تُطل على المجتمع الأثيني حيث عاصمة اليونان وتقسيمات مجتمعاته ... أُمراء يحكمون ..تُجّار يبيعون .. عبيد يعملون في صناعة حضارة بقيت آثارها إلى موتنا اليوم . ثرثرة تنتمي للكتب الأنيقة والرفاق الذين تركونا وفي عيونهم علامات الدهشة حين مزقنا سحب الغموض عن طبيعة عمل الوالد .. يحمل أثقال الناس وبضائعهم .
لا شيء يستدعي الكذب ... فالإنسان مُجبرٌ على الكذب أحيانا بطريقة أو بأخرى رغبة في تأمل حياة مُزيفة ... بصقتنا فيها إلى شوارع جففت عرق لعب تركناه على عُجالة من عُمرٍ اقتربنا فيه من نهايته .
غدا يرتاح الجميع وأنت تُعدّ نفسك لسؤال صاغه قدر على لسان ابن الطبيب ... أين ستمضي في عطلة العمال؟
سأم يطوي ابتسامة تترنح على شفاهك أمام فرحة صديق يُغازل شاشة هاتفه بالأصابع .. سنذهب إلى البحر ... أما أنا فالبحر سيأتي إلي.
أُشرع كفي للريح ولساقين تبحث عن قُبّرة تدلني على قبر لرجل قام بواجيه تجاه أبنائه... تخفق الذاكرة باسمه كلما زارنا أيار بلباس عيد لمن لا عيد لهم ...
يا أرباب العمل متى سترتاحون من مصّ دماء العمال .