لم تعد «القاعدة» انتحاري، او سيارة ملغمة! وما يجري في جنوب اليمن (ابين وشبوه) وما يجري في سوريا (داعش والنصرة) وفي العراق (دواعش السنة والشيعة) وفي سيناء انما هي حرب لا تختلف في تكتيكاتها عن حرب فيتنام.. الا في حجم الصدام، وفي مؤشراته عن الدولية!
ففي اليمن يتحرك الآن اكثر من مائة الف مقاتل بدباباتهم ومدافعهم وطائراتهم لوقف سيطرة القاعدة على محافظات بأكملها، ونعرف حجم القوة في الجيش السوري، وعصائب الحق وحزب الله والحرس الثوري الايراني.. وهي تصور للسوريين وللعالم انها تقاتل القاعدة والارهاب! وهناك الآن الجيش الثاني المصري يتصدى منذ عام «لتحرير» سيناء من القاعدة، ومن تحالفاتها مع الاخوان. وفي العراق تملك القاعدة ان تهدد بغداد بالغرق لأنها تسيطر على سدود الفرات في الانبار.. ولا يملك الجيش والأمن العراقي ازاحتها عن هذا الموقع الخطر ومؤثراتها العملية والنفسية على العراقيين!
والسؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل نشهد انتصار مقاتلي القاعدة في أي بلد من البلدان الاربعة التي ذكرنا.. أم ان القاعدة هي شكل من اشكال تخريب مسارها.. وتدمير ما وصلت اليه من التطور ومن وسائل الحياة العصرية؟!
وهل ان هناك مصلحة لقوى كبرى، واقليمية في اشاعة الفوضى والخراب في وطن العرب.. بالابقاء على الانظمة الضعيفة، والجماعات الارهابية التي نسميها القاعدة.. وهي الآن ثلاث او اربع قواعد؟
.. نلاحظ مثلا ان الولايات المتحدة تقوم بشن «حرب اغتيالات» على قادة القاعدة في اليمن والصومال عن طريق نشاط طائرات دورون (دون طيار).. ولكنها لا تستعمل هذا السلاح ضد القاعدة في سوريا والعراق حتى حين كانت في العراق!
طبعا يمكن ان نقول: ان القاعدة اعتدت على جنود اميركيين في الصومال، وسحلتهم أمام الكاميرات، مما دفع الرئيس كلينتون الى سحب كل القوة الاميركية بسرعة وفزع وانها ضربت في ميناء عدن سفينة حربية اميركية.. لكن اميركا لا تشعر انها مهددة بالقاعدة في العراق وسوريا. وعلى العكس فهي معنية باستمرار القتال وشحنه اكثر بالمزيد من العنف، لأنها تكسب باضعاف ايران التي تموّل وتسلّح وتدرب.. واضعاف حزب الله، وعصائب الحق العراقية وحرس الثورة الايراني. وهي تكسب بقتل اكبر عدد من الارهابيين!
ما يجري في منطقتنا ليس بالبساطة التي نتناولها فيها. فهناك قوى سلبية تنمو وتثمر.؟ وهناك انظمة متعفنة يجب اسقاطها لكن ليس لمصلحة الفوضى!!. ولعل ما نشهده في ليبيا عن الانفلات المطلق لقوى عمياء مسلحة لا تعرف الصديق من العدو. ولا تفرق بين الدولة والقبيلة. ما هو في مصلحة الوطن، وما هو في خرابه وتدميره!
(الرأي)