من الأحاديث المثيرة والمختلفة، أحاديث وشهادات المقربين من مشاهير السياسة والعلم والفن، خصوصا من يخدمون هذا الشهير في عمله أو منزله.
الخدم، والطباخون، والحرس، والمساعدون الشخصيون، يملكون معلومات وشهادات خاصة، تقدّم صورة مختلفة عن الشهير المتحدث عنه. لذلك يكون لشهادة هؤلاء قيمة مضافة، وتعميق للصورة المبنية عن هذا الشخص.
هذه الأيام خرجت خادمة الزعيم النازي أدولف هتلر، النمساوية إليزابيث كالامير (89 عاماً) عن صمتها بعد 71 عاماً، وكشفت عن لمحات من الحياة الشخصية لهتلر، لكونها أقرب مساعديه.
ونقلت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية، كما جاء في «العربية نت»، في مقابلة أجرتها مع كالامير، عنها أن «هتلر كان يتجنب تناول المأكولات الخفيفة في منتصف الليل، فيما عدا (كعكة الفوهرر)، وكان يتوجه إلى المطبخ في أوقات متأخرة من الليل، بعد التحدث طويلاً إلى الضيوف ليتناول الكعكة، وكان نادراً ما يستيقظ قبل الساعة الثانية ظهراً».
وأفادت الخادمة، التي عملت في المنتجع الجبلي الذي كان يملكه هتلر في بافاريا، بأن «الزعيم النازي كان يعاني من مشكلات في الطحال، وكان يتبع نظاماً غذائياً صحياً صارماً، وكان يشرب الماء الفاتر فقط».
وتؤكد كالامير أنه على الرغم من اتباع هتلر حميةً قاسية، حيث كان طاهٍ شخصي يطهو له طعامه، فإنه كثيراً ما كان يسهر، و«يتسلل إلى المطبخ لتناول كيك التفاح والمكسرات والزبيب، الذي يكون معداً له مسبقاً»، وأوضحت خادمة هتلر أنها «تعرضت في أحد الأيام لعقاب شديد، بعد أن كسرت فنجاناً».
هذه اللقطات، على شحها، وربما عدم أهميتها السياسية لدى مؤرخي السياسة وممارسيها، إلا أنها تضيف بعدا جديدا للتاريخ، لأن معرفة طبائع وسلوكيات وعادات الشخصيات التي غيرت مجرى التاريخ، تعطي قربا أكثر للصورة، ومصداقية واقعية أكبر.
لكن المثير في قصة خادمة الزعيم النازي هو أنها بعد مرور كل هذه السنين قررت الحديث، أو ربما أفلحت الصحافة في الوصول إليها أخيرا، فماذا عن الذين أحاطوا بشخصيات أخرى في التاريخ كان لها أثرها الكبير في القصة الإنسانية كلها، في السياسة والحروب والسلم والعلم؟
شخصيات مثل ستالين وتشيرشل وديغول ورزفلت وايزنهاور وماو والشاه والخميني وصدام حسين ونوري السعيد وأتاتورك والإمام أحمد حميد الدين والملك عبد العزيز والملك فاروق وعبد الناصر، وغيرهم من زعماء العالم.
نركز دوما على الراوية الرسمية، الإيجابية أو السلبية، التي مع والتي ضد، لكن نغفل كثيرا عن الروايات الأخرى للناس العاديين، ونظن أن كل شيء قد قيل وعرف، ولكنْ واهم من يظن أن صفحات التاريخ قد اكتملت، فهناك دوما المزيد والجديد.
ثمة أناس أحياء بيننا، لهم ذكريات خاصة عن شخصيات أثرت في حياتنا ومصيرنا، ينتظرون فقط من يدون شهادتهم.
دوما يقال: التاريخ كتاب مفتوح. وهذا معنى من معاني هذه العبارة.
(الشرق الأوسط)