بذات روح الفزعة و(الهوبرة) التي تعاملت بها أجهزة الحكومة مع قضية المقاهي التي تقدم الشيشة، والتلويح بإغلاقها ووقف تراخيصها إنفاذاً لقانون الصحة العامة، وحماية المواطن من بلاء التدخين وما يسببه من علل..
بنفس (الفزعة).. تعاملت وزارة التربية والتعليم مع قضية المراكز الثقافية المعنية بتقديم دروس التقوية للطلبة في عدد من المواضيع العلمية.. مُعلنةًَ -هكذا- ومرة واحدة، أنها ستغلقها في حال عدم توقفها عن تقديم هذه البرامج..
بادرت الوزارة لعملية إحلال سريعة حين أعلنت عن اطلاق باقة دروس للتقوية داخل مدارسها، وعلى أيدي مدرسيها الذين هم أو بعضهم على الأقل السبب الرئيسي لتوجه الطالب لدروس التقوية..
كيف إذن يمكن لطالب لم تتحقق له سبل الفهم والمتابعة والإلمام بمادة ما، على يد معلم في مدرسة، وخلال البرنامج الدراسي المعتاد، أن يحقق ذلك على يد ذات المعلم وبنفس المدرسة خارج البرنامج الدراسي وفي ظل حزمة دروس التقوية التي أُعلنت بسعر تشجيعي..؟!
ما حدث أن فزعة إغلاق المراكز الثقافية التي تقدم دروس التقوية بحجة أن من يدرس فيها هم من المعلمين الذين يجبرون طلابهم على الالتحاق ببرامجها التعليمية.. فتح علينا جبهة من نوع آخر هي بورصة (الدروس الخصوصية) التي لم نكن نسمع بها الا في الأفلام المصرية..
درس الرياضيات تعدى الستين ديناراً في السلط، يليه درس الفيزياء بخمسين في عمان، وهكذا تتوالى (مينيو) الدروس الخصوصية، التي ساحاتها منازل المعلمين.. والذين هم أنفسهم من دَرَسَ في المقام الأول فأخفق، وأجبر الطالب على الالتحاق بالمركز الثقافي في الخطوة الثانية، ثم استضافهم في منظومة دروس التقوية الخاصة أخيراً..
قف للمعلم..
حتى رسالة التعليم أضاعها بعض من أدركوا آليات السوق، فعاثوا في التعليم وقدسيته وصورة المعلم الذي نوفه التبجيل.. كل فساد.
مع ما يحققه وزير التربية والتعليم على صعيد إعادة الهيبة للتوجيهي وتنظيم آلياته وتشذيبه من بؤس الغش وتكنولوجيا التغشيش المباشر، ومحاولاته لعلاج أُمية الصفوف الأساسية التي أعلن عنها وسط ذهول التربويين ووزراء التربية السابقين أنفسهم..
مع كل هذا الجهد، على وزارة التربية والتعليم أن تعيد النظر في مسألة المراكز ودروس التقوية، وإلا لأدخلتنا خلال السنوات القادمة في زمن من الترهل التربوي الذي لا خروج منه، والذي تعيشه دول عربية أخرى بسبب (بيزنيس) الدروس الخصوصية الرديف غير الشرعي للمدارس..
حملة إغلاق مقاهي الأرجيلة ارتفعت بتصريحات المسؤولين وتهديداتهم الى آفاق اعتقدنا أنها لن تتراجع أبداً حتى آلت الى لا شيء.. بل إن التراخيص زاد إصدارها مع غياب كامل للرقابة على من يُسمح لهم بتدخينها، بل وبات وجود مقهى بين تجمع منازل في أحد الأحياء السكنية أمراً عادياً..
وكذا تُعَالج أزمة التعليم، بكارثة تربوية وأخلاقية واقتصادية حقيقية، في ظل ظروف صعبة تعيشها الأسر، التي سيكون عليها أن تحارب للحصول على دعم المحروقات لتدفعه كقسط لأحد الدروس الخصوصية لواحد من أبنائها..
بمناسبة الدعم.. حملة رفع أسعار المحروقات واستبداله بالدعم النقدي المباشر للأُسر الأردنية.. ثم استبدالها بالأسر غير الغنية ثم الفقيرة وبعدها المحتاجة وأخيراً تحديدها بقليل من الأسر التي تكاد تموت فقراً..!!
هو مثل آخر على أسلوب الفزعة وإدارة (كشك السجائر) الذي تنتهجه الحكومة في التعامل مع المواطن..!!
(الغد)