هل يحصل هؤلاء على عطلة في عيد العمّال ؟. في الأردن مايقارب الثمانية وثلاثين ألف حالة عمل أطفال ، وهو بظل ظروف اقتصادية خانقة مرشح للازدياد. الأطفال العاملون هم من الذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم بين خمس إلى سبع عشرة سنة. وماذا أكثر من عمالة الأطفال يحرم هؤلاء من طفولتهم وإمكانياتهم وكرامتهم ، ويعرضهم للايذاء بكل أنواعه.
عامر يروي قصته، فقد أجبر على العمل وهو دون الثامنة. ترك المدرسة ليعمل صبي نجّار. ويتذكّر عامر كيف كان التعب يهدّه فينام على عتبة المنجرة ، ويتذكّر أيضاً كيف كان يهرب من المنجرة إلى سور المدرسة ليسترق النظرإلى أصدقائه،ويسمع ضحكاتهم،ويراهم يكتبون بالطباشير ويشاغبون ويدرسون ويغنّون. كان ينظر من بعيدويبكي، ثم يعود مسرعا إلى المنجرة خوفاً من العقاب.
كبر عامر ، وظل يحلم بأقلامه وكتبه ومعلميه، فعاد إلى مقاعد الدراسة متأخراً حين استطاع أن يكون سيّد نفسه، ثم تزوج وصار له أبناء، جميعهم على مقاعد الدراسة. وسمية حكاية ثانية فقد أرسلتها أمها بعد وفاة والدها إلى العمل في تنظيف صالون حلاقة، لم تستطع اكمال تعليمها وتكالبت عليها الأمراض لكنها تصر، الآن، برغم صعوبة ظروفها على عدم حرمان أبنائها من حقّهم بالدراسة.
الظروف السيئة أو فقدان المعيل أو البطالة أو ارتفاع عدد أفراد الأسرة تجبر بعض الناس على ارسال أبنائهم إلى المجهول،و بعض الأطفال كرهوا المدرسة أو فشلوا في التحصيل العلمي فأرسلوا إلى العمل كتحصيل حاصل لعادات ثقافية لبعض ارباب الأسر، مع أن كثيراً من هذه الأعمال ينطوي على مخاطر ومنها أنشطة غير مشروعة ومنها ما يصب في خانة الاتجار بالبشر. وان استطاع بعضهم تخطي أزمته بعد أن كبر وشكل نموذجا ايجابيا في تحدي ظروفه للأفضل، فقد ظل كثيرون للآن يعانون آثار حرمانهم من طفولتهم بدنيا ومعنوياً.
ورشات الميدان التوعوية التي ينفذها مشروع الحماية والأمان في العاصمة والمحافظات عرّفنا على كثير من قصص النجاح، وهذه الجهود الطيبة أتاحت لنا الاطلاع على النجاحات والاخفاقات لمشاركين قرروا أن يشاركوا قصصهم لتكون نموذجاً يستضاء به.
هل يعرف الأطفال العاملون اليوم بأن من حقهم يوم عطلة في الأول من أيار.. هل يعرف من يستغل طفلاً بأن قانون العمل الأردني يمنع تشغيل الأطفال. الأرقام المرتفعة مفزعة وهي قابلة للازدياد ان لم تتخذ اجراءات فعليّة للتخفيف من الضغط الاقتصادي للأسر. عمل الأطفال كارثة. (الرأي)