دراسة واقع السياحة في البترا ونتائجها!
29-04-2014 12:07 AM
كتب: فواز الحسنات: في يالبداية أوجه تحياتي الخالصة إلى كل الأصدقاء وأبناء الوطن بشكل عام والى محبين البترا في العالم والى العاملين في القطاع السياحي الأردني والى ابناء المجتمع المحلي في البترا وهم الأقرب الى الموقع .
أما بخصوص الدراسة التي قدمت من قبلي حول البترا وواقعها فالكل يعلم أن السنوات الأخيرة كانت صعبه جدا على الموقع الأثري في البترا من حيث الاعتداءات والاستعمال الخاطئ والمطالبات المتكررة والعديدة من أبناء المجتمع المحلي لممارسة أي نشاط اقتصادي داخل الموقع والذي أصبح زحاما لا يطاق بالنسبة للزائرين والعاملين على حد سواء .
والكل يعلم أن التزايد في كل من أعداد السياح وأعداد العاملين وأعداد السكان ومع مرور الزمن سيضع البترا وسكان المنطقة في مأزق قادم لا محالة , والمعلوم أن الكثير من الدول عملت وتعمل على تطوير منتجها السياحي وتنظيم مواقعها السياحيةلأستيعاب اكبر عدد من السياح والاستفادة من تلك السياحة .
وفي البترا الجميع يعلم أن طريقة التعامل مع السائح لم تتغير منذ سنوات طويلة مما أبقى البترا على نمطيه قديمة من حيث حجم دائرة حركة السائح ومقدار ما قد يؤخذ من السائح مقابل أي خدمات و أصبحت روتينيه وقديمه ضمن نقاط مححدة بلا تطوير أو توسع أو إضافات جديدة .
والاهم من كل ذلك أننا إذا غفلنا عن البترا سنجدها قد تآكلت واندثرت نتيجة الاعتداء بالتكسير لحجارتها وبيعها والاستعمال الجائر لكل الموقع وبطريقه سيئة وكثرة الحيوانات ألمستعمله لنقل السياح وعمالة الأطفال وغيره الكثير من السلوكيات الخاطئة مما أحرج الأردن وكل العاملين في السياحة وجعل البترا من ضمن المواقع ألمهدده بالأزاله من قائمة التراث العالمي وهذا ما لا نرضاه جميعا.
وبعد ذلك، وبمبادرة شخصية قمت بعمل دراسة كاملة معززة بالصور عن واقع الحال المرير للموقع الأثري وتتضمن كذلك رؤيا تصحيح هذا الواقع أخذت وقتا طويلا من الدراسات والتوثيق بالصور من حيث أعداد العاملين داخل الموقع ودخولهم وتوزيعهم المجتمعي وطرقهم ألبدائيه في البيع والتسويق ومقارنتها مع أعداد السياح وكذلك دراسة التوسع في دائرة حركة السائح ومتطلباته السياحية مقارنة بالدول الأخرى والمجاورة وتوزيع التوقيتات لكل متطلب لضمان إطالة فترة الاقامه في البترا وبما يضمن الاستفادة من السائح ومن قبل جميع القطاعات كالنقل والرواحل والباعة المتجولين والبازارات والمطاعم وحتى شركة المجتمع المحلي بما يختص بالنقل الداخلي في الموقع والكثير من الأمور التي شملتها الدراسة ولا مجال الآن لتفصيلها .
تم رفع الدراسة إلى جهات عليا في الدولة وتم تبنيها ورفعها إلى رئاسة الوزراء وبموجب ذلك تم تشكيل لجنة من قبل الرئاسة من الأكاديميين الخبراء والمختصين والجهات الرسمية المعنية كوزارة السياحة ومفوضية البترا ومتصرفية البتراء ودائرة الآثار العامة وجامعة الحسين ومحمية البترا وجمعية المحافظة على آثار البترا ومشروع سياحة التابع إلى الوكالة الامريكيه للإنماء وهنا لا يسعني إلا أن أتقدم إليهم جميعا بالشكر الجزيل على ما بذلوه من جهد جبار وعناء متكرر للخروج بنتائج وأفكار جيده خدمة للوطن والبترا وزوارها من خارج وداخل الوطن.
أخذت هذه اللجنة من الوقت عدة اشهرمن الجلسات المطولة لبحث إمكانية التطبيق والتنفيذ للدراسة وما يتبعها من فوائد على الوطن والمواطن وأبناء المجتمع المحلي والموقع الأثري وهو الأهم في المعادلة جميعها.
وخلصت اللجنة إلى ضرورة تطبيق الدراسة لما لها من عوائد جيده على الجميع وتم رفع النتائج إلى الرئاسة التي بادرت بالموافقة مشكورة وإنني اشكر دولة رئيس الوزراء الذي استجاب إلى مطالبة النائب عدنان الفرحات رئيس لجنة السياحة في مجلس النواب آنذاك والذي كانت مطالبته ضمن خطابه تحت القبة لما للموضوع من أهمية كبيرة لإنقاذ البترا قبل فوات الأوان..
وهنا يبقى الدور الأكبر على أبناء المجتمع المحلي في البترا في المساعدة في بروز هذه الدراسة إلى حيز الوجود حماية للبترا الغالية ودرة الأردن وتعزيزا للفائدة المرجوة من السياح وتوزيع عادل للمكتسبات وتوسيعها لتشمل اكبر عدد ممكن من المستفيدين من السياحة من أبناء المجتمع المحلي في البترا.
إن الفكرة الاساسيه للدراسة تتمحور وباختصار على عدة نقاط أهمها:
أ- إيقاف أي نشاطات اقتصادية داخل الموقع الأثري واختصار التواجد فقط لبعض مواقع الحمامات أو أماكن بيع المرطبات والماء. وجعل الموقع الأثري هادئ وحالم وقابل للتعمق في التفكير في تاريخه وقصة الأنباط بدون أي منغصات أو إزعاجات نهائيا.
ب - فتح وإنشاء( قرية نبطيه) تستوعب آلاف المحلات لكافة الانشطه التي تمارس حاليا داخل الموقع وذلك في منطقة (ما) بحيث تكون على طريق عودة السائح من البترا.
ج- إن زيادة تعداد الأشخاص الذين يمارسون المبيعات داخل الموقع أصبح مطلبا مزعجا للمواطن والمسئول على حد سواء مع العلم أن من يعملون داخل الموقع هم فقط بالعشرات ولم يصل احدهم إلى حد الاكتفاء المعيشي من مهنته بسبب العشوائية في العمل ونوعية البضاعة والتهاون في الأسعار والأسلوب التقليدي في طريقة عرض البضاعة والمساومة في الأسعار مما يجعل حياتهم تزداد صعوبة كلما تدنت المواسم السياحية وحسبت عليهم مهنة وحسادهم كثر بسبب تواجدهم داخل الموقع مع أن واقع الأمر مرير بالنسبة لهم ولا يحقق أدنى مستويات العيش الكريم لهم بسبب النمطي القديمة في طريقه ممارسة عملهم من حيث نوعية البضاعة وتشابهها لديهم جميعا والتسابق في التدني بالسعر لكسب السائح وبيعه ولو بأقل من رأس المال وهذه ألطريقه جعلت البترا بعيده كل البعد عن شبيهاتها من المواقع السياحية في العالم فلا يعقل منذ ثلاثينات القرن الماضي لم تتغير بضاعتها ولم تتطور تجارتها .
د- إن القرية النبطية والتي تستوعب مئات النشاطات والمحلات التجارية ستوسع دائرة الاستفادة للمواطنين وستحقق شيئا من العدالة في توزيع المكتسبات بحيث لا يتم ترك الأمور حسب رغبة المواطن بما يريد أن يمارس نشاطه الاقتصادي وإنما ضمن تصور مدروس لعدد ونوعية النشاط المطلوب لتحقيق التنوع والشمول لكافة الخدمات والنشاطات التي يحتاجها السائح وتعود بالنفع على المواطن حتى لا يتم التراكم والكثرة والمزاحمة في أي نوع من الانشطه الموجودة داخل القرية ( إن اكبر المعا ضل لمتابعي أوضاع البترا هو كيفية المحافظة على الموروث الثقافي لبدو البتراء والمناطق المحيطة كرائعة تاريخية من روائع التاريخ الإنساني المتداول شفويا وغير الملموس وهذا النوع من الروائع وجب علينا جميعا مراقبة بقاءه حيا وعدم المساهمة في اندثاره وذلك من خلال ( نشاطات وبرامج هادفة) إلى المحافظة عليه والاستفادة من عوائده للوطن وأبناء المجتمع المحلي.
ذ- إن فكرة القرية ودخولها من قبل السياح جميعا اجباريه بحيث يكون نقطة النزول من السيارات ووسائط النقل عند بوابتها والانتقال عند مخرجها لنقلهم بعد الانتهاء من القرية.
ر- الكل يعلم أن داخل الموقع الأثري تنتهي جميع النشاطات مع الغروب بينما تبقى القرية ألنبطيه عامله كل الوقت بحيث يستطيع السائح ألعوده من فندقه إلى القرية بأي وقت يشاء مما يساهم في حركه نشطه لجميع القطاعات سواء سيارات نقل أو مطاعم ومحلات بيع التحف والكوفي شوب وغيرها.
ز- تعتبر القرية النبطية إضافة نوعية على المنتج السياحي في البتراء للخلاص من مقولة (لا يوجد في البترا أي نشاط خصوصا في فترات المساء) وهذه الفكرة موجودة في معظم الدول السياحية وتعمل 24 ساعة في اليوم وكمثال سوق المشاية في شرم الشيخ وخان الخليلي في مصر وسوق الحميديه في الشام وأسواق المغرب وتونس وتايلاند وغيرها الكثير من الامثله في العالم. كل الأمل معقود على المسئولين بجميع مستوياتهم وعلى الأردنيين بشكل عام وعلى محبي البترا في العالم وأبناء المجتمع المحلي في البترا لتطبيق مخرجات الدراسة وقرارات اللجنة ودعم وتسهيل مهمة السلطة في تنفيذها لتغيير وجه السياحة في البترا ونمطيتها لتعم الفائدة للجميع (الوطن والسائح وأبناء البترا) ... والله من وراء القصد.