"دور الوسطية في البناء الحضاري"
28-04-2014 07:43 PM
عمون - عقد المنتدى العالمي للوسطية بالتعاون مع منظمة الإيسيسكو ندوة دولية بعنوان " دور الوسطية في البناء الحضاري" و ذلك يوم الاثنين 28/4/2014 في فندق الريجنسي ، و تهدف هذه الندوة الى إبراز الرؤية الوسطية للإسلام في جميع قضايا الحياة ، و تأصيل الفكر الوسطي من المصادر الشرعية و عمل الصحابة و التابعين و أئمة الفكر الإسلامي.
بدأت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، ثم تحدث عطوفة المهندس مروان الفاعوري أمين عام المنتدى العالمي للوسطية مرحباً بالضيوف و المشاركين ، مؤكداً على قدرة الأمة الإسلامية على إقامة مشروعها الحضاري الهادف إلى إحلال الحضارة بدلاً من التخلف ، هذا المشروع القائم على إستيعاب الماضي و استخلاص المواعظ و العبر ليكون قادراً على قيادة العالم و يوضح الصورة السمحة للدين الإسلامي البعيدة عن التطرف و الغلو ، و أكد الفاعوري على ضرورة الفهم الصحيح و السليم لنصوص هذا الدين لما لهذا الفهم من أهمية في تقويم الفكر و هدايته نحو الوسطية .
من جانبه تقدم الدكتور عزالدين معميش ممثل المنظمة الإسلامية للتربية و الثقافة و العلوم بالشكر الى المنتدى العالمي للوسطية على إقامة هذه الندوة التي جاءت في وقتها المناسب و بيّن أن الصراعات الفكرية و التشابكات المذهبية في الأمة الإسلامية أدت الى إما اختلاف فكري و أخلاقي و إما إلى تطرف و عصبية ملّبسة بالدين أو المذهب أو الطائفة ، هذا الأمر جعل على عاتق علماء الأمة و مفكريها دوراً كبيراً في نشر رؤية الوسطية على مستوى الكون و الانسان و الحياة للتعبير عن الغاية النبيلة التي جاء الاسلام ليحققها و هي منظومة أخلاق متكاملة .
و وضح معميش دور منظمة الايسيسكو بوصفها بيت خبرة اسلامية تضم بين ثناياها مفكرين و علماء في نشر الرؤية الوسطية التي تتقاطع مع المنتدى العالمي للوسطية و مع الايسيسكو الهادفة الى البناء الحضاري للأمة الإسلامية المراعية للواقع المعاصر ، المحققة للأمن الفكري للعالم الإسلامي .
بدوره أكد الدكتور أسامة حبش ممثل منظمة الالكسو أن الوسطية هي نقطة التقاء بين مناهج تهدف إلى خير الامة من خلال إتباع مبادئ الشريعة السمحة ، فالوسطية حسب قوله بالنسبة للأمة الاسلامية رأس مال ينبغي أن لا نفرط بها ، لذا وجب أن نقتدي بأسلافنا الذين طبقوا هذا المنهج السمح ، النابذ للعنف المؤثر إيجابيا ًوالناهض بالأمة ، و شرح حبش دور منظمة الالكسو في إثراء الفكر الوسطي بين أبناء الأمة العربية .
بدأت الجلسة الاولى برئاسة الدكتور أحمد بن يوسف رئيس جامعة إسلام أباد ، تحدث في بدايتها الدكتور محمود الصميدعي رئيس الوقف السني في العراق حيث أشار إلى وجود أجندة خارجية تهدف الى تشويه صورة الإسلام و إظهاره بعيداً عن الوسطية أيضاً و قال أن للتطرف مظاهر عدة منها التعصب للرأي و رفض الآخر و تكفيره و من مظاهره التشدد و إلزام الآخرين بما لم يلزم الله به و مخالفة روح التيسير التي قام عليها الاسلام و أكد أن أعلى درجات التطرف عندما يغوص لجّه التكفير و هو ما وقع فيه خوارج الماضي و خوارج العصر الذين استباحوا دماء مخالفهم .
و بيّن أن علاج ظاهرة التطرف هي الحوار و استغلال وسائل الإعلام لنشر فكر الوسطية و الرجوع الى كتاب الله الذي رسم منهج لتوحيد العقيدة و عقيدة التوحيد و توجيه الشباب الى العودة لثقافة أمته.
و كان ثاني المتحدثين في هذه الجلسة فضيلة الدكتور يوسف صديقي العميد المساعد لكلية الشريعة في جامعة قطر حيث دار محور كلمته حول ظاهرة إقصاء الآخر مرجعاً أسبابه الى التقوقع داخل المذهب و عدم فهم التاريخ جيداً حيث أن دراسة التاريخ تولد لدى الإنسان حلولاً تساعده على فك الرموز المعقدة في التاريخ ، و أضاف أن من أهم أسباب ظاهرة إقصاء الآخر هو الجهل بالآخر و عدم الوقوف على المراجع الأصلية التي يعتمد عليها الآخر و قال أن ضعف المناهج الدراسية و بعدها عن تربية الأبناء على ثقافة الحوار مع الآخر أدت الى نشوء عقليات ترفض مبدأ الحوار و تنادي بالإقصاء للمخالفين و لخص الصديقي حلول مشكلة الإقصاء باتباع المنهجية العلمية في الحوار القائمة على احترام عقيدة الآخر و وجهة نظره .
ثم تحدث الدكتور محمد طاهر منصوري مدير عام أكاديمية الشريعة في جامعة إسلام أباد عن دور المؤسسات التربوية في مواجهة التطرف معرجاً في بداية حديثه لتعريف التطرف الفكري الذي هو حالة من التعصب للرأي لا يعترف بوجود الآخرين مبيناً أن للمؤسسات التربوية دور كبير في توجيه سلوك الطالب و إرشاده نحو الوسطية و الاعتدال و أن أي تقصير لهذه المؤسسات في القيام بواجبها يؤدي إلى وقوع الشباب فريسة التطرف و الغلو لذا لا بد من الاهتمام بالمناهج الدراسية لأنها عمود العملية التعليمية فيجب أن تكون هذه المناهج موجهة الشباب نحو العقيدة السليمة و قبول الآخر و يجب زيادة و تعزيز القيم الدينية فيها ثم لا بد من الاهتمام بالمعلم لأنه هو من يعد الأجيال و يزرع القيم العقائدية في نفوس الطلاب فلا ينكر تأثير المعلم أي إنسان و أكد على أهمية إعداد بيئة دينية هادفة تدفع الطالب إلى التسامح و نبذ العنف و الغلو .
الجلسة الثانية :
بدأت الجلسة الثانية برئاسة معالي وزير الأوقاف الاسبق الدكتور عبددالسلام العبادي الذي رحب بالضيوف المشاركين تاركاً الحديث للدكتور محمد بيشي الذي بدأ حديثه حول الفكر السياسي الإسلامي موضحاً أهمية هذا الفكر و صنف البيشي التيارات العاملة على الساحة الإسلامية ، مؤكداً على أن التيار السياسي الإسلامي المعتدل عمل على حفظ أمن البلاد الإسلامية كالاردن و الجزائر و أن هذا الفكر سيعمل على إحداث نقلة نوعية في العالمين العربي و الاسلامي نحو الاعتدال و الوسطية.
ثم تحدث الدكتور عزالدين معميش ممثل منظمة الايسيسكو قائلاً: ان وسطية الأمة الاسلامية وسطية حقة متسمة بالخيرية و التوازن و الاعتدال مشتملة على الجوانب الثلاث العقلي و البدني و النفسي ، و أكد على أن المؤسسية في نشر الفكر الوسطي أمر لا بد منه لتطوير هذا الفكر و هذا لا يمنع من قيام اجتهادات شخصية تثري هذا الفكر .
و وضح أن اختراق العقل العربي يكون من خلال حوار الحضارات ، لتوضيح صورة الاسلام أمام الغرب و إزالة أي سوء فهم للفكر الإسلامي من قبل الغرب و قال لدى الايسيسكو برنامج التراث الذي يهدف الى بيان الحرية الدينية التي كان يتسم بها الاسلام عبر التاريخ .
من جانبه أكد الدكتور محمد الزعبي مفتي العاصمة على أهمية الفتوى و دورها في حفظ الامن و دعا الى وجود مفتين من هذه الأمة ليقودوا الأمة الى بر الامن و الامان و ذلك لما للفتوى من دور في توجيه الناس عبر العصور و تحقيق الأمن الاجتماعي في المجتمع و استطرد في حديثه عن الامن الاجتماعي و علاقته بالفتوى حيث أن أهم مقصد من مقاصد الفتوى هو حفظ الامن الاجتماعي و ضرب امثلة على فتاوى لا تراعي مقاصد الشريعة مثل الفتوى القائلة ان المنتحر شهيد و الفتوى القائلة بجواز الاعتداء على الممتلكات العامة بحجة الحرية الشخصية و التي أدت الى مشقة على الناس .
و قال ايضاً أن اهم شئ في الفتوى الحياد و البعد عن الهوى و العلم الشرعي للمفتي.
و كان آخر المتحدثين في الجلسة الثانية معالي الدكتور محمد الحلايقة عضو مجلس الاعيان حيث تحدث حول مفهوم الامة التي يرى أنه ضعف كثير و ان الامة قد ابتعدت كثيراً عن الحضارة الانسانية مما أدى الى النظر للامة الاسلامية نظرة لا تعطي لها رقياً و لا توضيحاً حقاً.
و أكد الحلايقة على اهمية تنوير الخطاب الاسلامي بما يوافق عصرنا الحاضر و يستوعب الآخر و يؤدي الى بناء مجتمع العدالة و الاعتدال .
و قال ان الاحزاب الوسطية تتفق على الحاكمية لله و السيادة و الشريعة للامة واستشهد بأقوال من السلف حول سيادة الأمة و تتفق ايضاً على مراعاة الواقع فهي قواسم مشتركة لدى الاحزاب الوسطية الاسلامية .
و ضرب التجربة التونسية كتجربة اسلامية سياسية ناجحة لانها غلبت مصلحة الامة على الجانب الحزبي العتيق أما التجربة التركية فأعاد الحلايقة سبب نجاحها الى اهتمامها بالجانب الاقتصادي .
اما من الاردن فيرى الحلايقة ان حزب الوسط الاسلامي قد شارك في الانتخابات البلدية و النيابية و أن هذه المشاركة لاقت نجاحاً كبيراً.
و في نهاية الجلسة دار نقاش بين الحضور و المشاركين تم فيها تبادل الاراء و الافكار حيث أجاب الضيوف على الأسئلة المطروحة .