الصيدلة هي فن أو ممارسة تحضير وحفظ الأدوية , ووظيفة الصيدلي هي تركيب وصرف الأدوية طبقاً لوصفة الطبيب . طبعاً هذا المفهوم تغير الآن لأن علم الصيدلة تشعب وتفرع وبرزت فروع جديدة منه و أصبح الصيدلي عضواً أساسياً ضمن الفريق الطبي لا يجب الاستغناء عنه لمعرفته الكبيرة بعلم الأدوية وخصائصها وتفاعلاتها داخل الجسم مع المواد الحيوية و الكيميائية والأدوية الأخرى التي يتناولها المريض.

ببساطه, فإن مهمة الصيدلي كما يحددها قسَم الصيادلة هي تهيئَ الأدويةَ و صرِفَها وفقَ القواعدِ والأصولِ الصيدلانية والقوانينِ المرعية لوزارة الصحة و المؤسسات الطبية والصيدلانية في المملكة الأردنية الهاشمية. و لمواكبة التطور المتسارع في المجالات الطبية و الحيوية في السنوات الأخيرة أصبح هناك للصيدلي دور بارز ضمن الفريق الطبي و مكمل لدور الزملاء الأطباء والممرضين للوصول سويا إلى شفاء المرضى .

وتجدر الإشارة هنا بأن للصيدلي صرف بعض الأدوية في بعض الأحيان دون وصفة طبية مثل بعض المسكنات وبعض الأدوية المضادة للزكام وبعض المراهم الخاصة بالالتهابات وأيضا بعض المطهرات الخارجية والفيتامينات...الخ. و طبعا يحق للصيدلي وصف و إعطاء معظم الأدوية في حالات الطوارئ. لكننا وللأسف نرى الصيادلة يذهبون بعيدا في إعطاء ووصف معظم الأدوية دون وصفات طبية بشكل يومي و أحيانا عشوائي , و هنا تحول الاستثناء إلى عرف وعادة اجتماعيه عامة يترتب عليها عواقب وخيمة في المستقبل. فالذي لا يعرفه العامة أن تناول الأدوية عشوائيا ودون استشارة طبيب أو عدم الالتزام بدواء محدد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة على المدى البعيد فتناول المضادات الحيوية بشكل عشوائي ودائم يتسبب في تدمير مناعة الجسم ضد البكتيريا المسببة للمرض، وفي الوقت نفسه يؤدي إلى خلق نوع جيد من البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي• ونحن من خلال عملنا في الصيدليات نصادف بعض المرضى الذين يشترون أدوية دون معرفة ما الذي يعانون منه ، وللأسف في معظم الحالات يقوم الصيدلي بصرف الأدوية المطلوبة طمعاُ في المردود المادي ، ولا يدركون المضاعفات التي قد تحدثها تلك الأدوية و هنا يجب أن نذكر الدور التجاري و التسويقي لشركات ألأدويه و التي نجحت للأسف بتحويل سوق الدواء الى مجال تجاري بحت هدفه ألأول و ألأخير هو المردود ألمادي.

ان معالجة مشكلة تناول الأدوية عشوائيا ليست سهلة وتحتاج إلى وعي المواطن بخطورتها ثم الابتعاد عنها. أن الاستعمال الخاطئ للدواء ينتج عنه مخاطر لا حصر لها ومشاكل صحية متعددةواستهلاك مادي متراكم، ومجتمعنا يسهل فيه الاستعمال الخاطئ للدواء فنحن مجتمع مترابط عاطفيا، ولن نستغرب غدا أن يوصف شخصا مضادات حيوية لأخيه أو أخته أو صديقه لمجرد أن المضاد لاءم حالته الصحية وشفي من مرضه! صرف الدواء من قبل صيدلي بدون استشارة طبية له عواقب وخيمة قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة قد لا تشخص إلا بعد فوات الأوان، وبعض الأدوية قد يكون لها أعراض جانبية كثيرة وخطيرة على المريض وقد تسبب أمراض أخرى. و هنا يجب أن نؤكد على التكامل بين دور الصيدلي و الطبيب فعملهما معا يهدف أولا وأخيراً لمصلحه المريض وتحسن حالته الصحية.

للقضاء على الاستعمال الذاتي والخاطئ للأدوية يجب القيام بحملات توعية جدية يسهم فيها جهات عدة منها الطبيب والصيدلي ووسائل الإعلام. فنحن نتمنى من وزارة الصحة القيام بواجبها ميدانيا باتخاذ الإجراءات الردعية اللازمة حيال أي تصرف خاطئ ومتجاوز للصلاحيات , و نتمنى من نقابتنا العزيزة الالتفات لأحوال المهنة , و نشكر جامعاتنا على دورهم الكبير برفد الوطن بالصيادلة الأكفاء ونطالبهم بزيادة الاهتمام بالممارسة الصيدلانية فعلم الصيدلة دون أسس ممارسه صحيحة كالشجر الجميلة دون ثمار.


أنا صيدلي أحب مهنتي و أؤمن بأهدافها, مقالي هذا ليس انتقادا و لكنه حبا لوطني ألأردن و مواطنيه الكرماء..
tareqmukattash@yahoo.com