صباح .. يا فتاح .. يا عليم !
حمزة المحيسن
28-04-2014 02:34 PM
على صوت ديك الفجر كان الجميع يستيقظون ، يخرجون من بيوتهم الطينية وهم قائلين " يا باب الله إني قاصدك " منهم من يصطحب " بقرته " لتحرث الارض ومنهم من يصطحب غنمه لتأكل من عشبها وخير ربيعها ، صباح من أجمل الصباحات الموسيقية تقوده " أوركسترا " بارعة من الأغنام ، تعزف بوقع دبيب أقدامها على الأرض لحنا فريدا من الإيقاع الجميل ، يقود هذه الفرقة " المرياع " بجرسه المعلق على رقبته ليضبط إيقاع حركاتهم ويجمعهم بمسير منتظم للسير خلف الراعي الملهم ، وإذا انتقلت لتستحضر صباحات المدن قديما ستجده صباحا عامرا بصوت " عبدالباسط عبدالصمد " يصدح بصوته الخاشع الدافئ بالأسواق يصاحبه صوت المارين بالأسواق يلقون تحية الصباح على صاحب المقهى الذي يجمعهم بالمساء وصاحب الدكان الذي يوثق ديونهم في دفاتر الحساب ، في مدننا أو أريافنا القديمة كان صباحهم حبا وودا وطيبا نقيا كصوت صياح " الديك " دافئا كصوت " عبدالباسط عبد الصمد " نديا كقطرات الندى على أشجار " التين " والعنب .
كم يحضرني صباح اولئك القدامى الطيبين الذي سكنوا بيوت الطين ومدننا العتيقة والقديمة واتحسر ألما وحزنا على صباحنا الإلكتروني والإذاعي والتلفزيوني والفضائي والمرأي والمكتوب والمسموع الذي نعيشه في هذا الزمان ، المفعم بالأخبار التي تعكر الصباح عن مسؤول سابق كان الوطن بالنسبة إليه بقرة حلوب يحلب خيراتها بهتا وسحتا وحراما ، أو جاهلا يعيث في الارض فسادا بجريمة قتل هنا بسبب " زامور " سيارة عابرة أو سرقة هناك لسيارة مواطن " كحيان " أو شكوى مواطن صاحب حاجة ضاعت وتاهت لرعونة موظف مشغول على " الواتس أب " ، صباح ينشغل فيه المشجعين " لريال مدريد والبرشا" بالردح الإلكتروني واغاني " حبيبي برشلوني " في الوقت الذي يقتحم فيه الأقصى ولا تسمع لقومي صوتا ولا حراكا ، صباح تقرأ او تسمع فيه عن مغامرات المراهقين والطائشين للبعض من ابناء الجامعات يمارسون غيهم فيها ضربا وتكسيرا وتحطيما ، أو تقرأ فيه لمواقع ومنابر إعلامية جل إهتمامها متابعة أخبار المعركة الضروس بين " هيفاء وهبه " و " اليسا " و " أحلام " و " راغب " او الأخبار المتعلقة بالمبالغ الذي دفعتها الممثلة " كيم كاردشيان " لتأمين سلامة وعافية مفاتنها ...!!!!
المؤسف ان اخبارنا هذه تملأ فضائنا في وقت " وعلى عكس بيوت الطين ومدننا القديمة " يوجد لدينا فيه آلاف المدارس وآلاف المساجد ومئات المنابر الإعلامية وعشرات الجامعات وعشرات المؤسسات الحكومية وعشرات الجمعيات التطوعية الأمر الذي يدفعك للقول جازما إننا نعاني من " أزمة أخلاق" تتطلب منا مرشدين كثر يعلمونا الأخلاق في المدارس وبيوت العبادة ومنابر الإعلام فالمدن بحاجة الآن يا سادة بحاجة لصوت دافئ تسمعه ولقلم نظيف طاهر تقرأه وواعظ نقي تبجله لنعود إلى أخلاقنا لتخرج هذا السواد المسكون في ساكنيها بالكلمة والموعظة الحسنة ليعود الدفء إلى شوارعنا وأسواقنا وطلابنا ومدراسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا وموظفينا ومسؤولينا ، ليكون صباحنا في كل يوم من ايام الوطن صباحا نديا بقطرات الندى ليغسل اوراق أخبارنا التي أتسخت سواد في سواد ..!!!!