اطمئني يا أمي .. انا في سوريا
إيمان العكور
28-04-2014 01:03 PM
ايمان العكور
طالعني امس وانا أتصفح المواقع الالكترونية خبر مقتل الشاب الاردني معتز أحمد من بلدة سوف أثناء اشتباكات مسلحة في سوريا في ريف درعا حيث تم دفنه هناك.
معتز كما يقول الخبر خرج منذ شهور للجهاد في سوريا.. والصورة المنشورة مع الخبر هي صورته بروب التخريج الجامعي..!
صدمني الخبر والذي اصبح خلال العامين الماضيين عاديا لدى بعضنا .. الا انه هذه المرة بالتحديد كان موجعا. لا اعلم أهي الصدفة.. ام ان الوقت قد حان لان ندق ناقوس الخطر ونعترف بوجود تقصير ما بدا يحصد أرواح شبابنا..!
انا عادة لا استيقظ باكرا.. ولكن اليوم استيقظت مع بزوغ الفجر وجلست قرب النافذة ارقب عصافيري واستمع الى موسيقى الصباح التي تعزفها عند نافذتيى لتخبرني ان يوما جديدا قد بدأ..ان أحلاما جديدة على وشك ان تسطع .. كنت مملوءة بالتفاؤل الى ان دار حديث بيني وبين صديقتي سهير التي تسكن في السلط .. حديث مملوء بالشجون والخوف وهي تقول لي انها لم تنم البارحة لان ابنتها الوحيدة رنا التي تبلغ الحادية عشر أصابتها حالة من الخوف والبكاء طوال الليل.. اعتقدت ان تلك حركة دلع منها كالعادة الى ان صدمني الموضوع ..!
ابنها الكبير ياسر سيتخرج من الجامعة بعد أسبوعين من كلية الهندسة .. شاب خلوق وطموح وغيور على وطنه ،، وان كان يغاوز مع السلط والسلطية كعادة بعض الشباب .. وانا عندما أراه يستهويني دائماً استفزازه وإخوته حول هذا الموضوع ..
ياسر على درجة كبيرة من الوعي والتفاؤل بالحياة ، الا ان حديث صديقتي اخافني وهي تخبرني ان اثنين من أصدقاء ابنها في الجامعة من أبناء السلط من الخريجين أيضاً الذين ينتظر أهلهم فرحة تخرجهم ، قد غادروا الى سوريا امس للالتحاق بالمجاهدين ..!!!
ياسر مصدوم.. وحزين..!
قبل ايام كان مع اصدقائه يخططون للمستقبل والزواج ويرسمون خط السير القادم .. والآن يفاجئ بأنهم خدعوه وخانوا الصداقة وتخلوا عنه وعن أحلامهم ... لاحظ الشاب بعض التغيير في سلوكهم منذ اشهر وخاصة بعد التحاقهم بحلقات دروس تتستر بغطاء الدين والإرشاد في حين انها حلقات تبث السموم وتلوث أفكار الشباب وتزرع مفاهيم مغلوطة في عقولهم فتقلب الموازين لديهم وتشوه كل جميل عرفوه .. فلا يرون الا اللون الاسود .!
ياسر ذهب الى تلك الحلقات الملغومة مرات قليلة كغيره من الشباب الفضولي، الا انه أستدرك الامر عندما بدأ الداعية المموه بتوجيه النقد وتسخيف دور اسماء نكن لها الاحترام في تاريخنا الاسلامي القديم وحتى المعاصر.. فترك الدروس ونفذ بريشه كما يقولون.
للأسف أهل أصدقاؤه لم يأخذوا كلامه وتحذيره على محمل من الجد في ان أبناءهم يفكرون في الذهاب الى سوريا للجهاد .. !
اليوم يتمنون لو تعود الأيام الى الوراء قليلا كي يحتضنوا أولادهم ويبعدوهم عن القاتل الذي يعيش بينهم باسم الدين والإسلام والأخلاق في حين انه يخطط لاختطاف أحلامهم وشبابهم من خلال وهم اسمه الجهاد ..!
الجهاد في الاسلام له أسسه وأخلاقياته اما التهلكة والاجرام والموت الذي يسوقونه فهو الكفر بحد ذاته..!
خوف
تعلمون الان لماذا أصابني الخوف .. تخيلت لو ان هذا ياسر ابن صديقتي كان من بين الذين غرر بهم باسم الدين..!
دمعت عيني وانا اسمع كلامها وهي تؤكد لي انهم تناقشوا معه وانه اكد لهم انه من المستحيل ان يغرر به..!
هي تعلم او تحاول ان تبرد قلبها بهذا الكلام .. واعلم ان نيرانا تأكلها من مجرد التفكير ان ابنها قد يمر بلحظة الضعف تلك التي ينتظرها أولئك المغررون بالشباب والذين يغلفون أحلامهم ومستقبلهم بكفن وقبر في ارض بعيدة ..!
غسل دماغ آمة
المرعب في الموضوع ان أولئك الذين يتولون مهمة غسل دماغ الشباب عندنا معروفين للمواطن والحكومة.. بل ان أبواب المساجد والمنابر مفتوحة لهم حيث انهم يتسترون بقناع الخطيب الغيور على الأمة والبلد.. !
لماذا يتم التغاظي عن محاسبتهم ووضع حد لإرهابهم الفكري .. !
جماعات خارجة
باعتقادي ان ما يحدث هذه الأيام أيضاً في معان جزء منه مرتبط الى حد ما بنفس الموضوع .. ! جماعات خارجة عن الدين والقانون والأخلاق والأعراف بدأت تتغلغل داخل مجتمعاتنا البسيطة وخاصة تلك المهمشة اقتصاديا لتزرع الفتنة وتثير الفوضى وتنمي الكره والفساد بين المواطن والدولة..!
لم يعد مخفيا على الجميع ان التغرير بالشباب يتم بفعل خلطة مزدوجة بين السياسة والدين يتم من خلالها توظيف التراث الإسلامي وفق تفسيرات تخدم المصالح السياسية لأولئك المغررين بالشباب ..
حقيقة الامر ان ذلك يندرج تحت بنود الجرائم الفكرية تحت حجج مختلفة من الوعظ والإرشاد ونصرة الأمة .
ولا بد ان يتم وضع حل لها ومعاقبة من يمارسها..!
تضليل وتغرير بالشباب
لم يعد مقبولا بعد اليوم تجاهل أزمة التغرير بالأبناء وتضليل الشباب بأن الجهاد يعني الذهاب إلى واحدة من المناطق المشتعلة... بل يجب على كل من تعرض أبناؤه إلى مثل هذه العمليات من غسيل الدماغ إلى المطالبة الشرعية بمقاضاة كل من كان له يد في ذهاب ابنه إلى مناطق الصراع سواء عبر وعظ غير مسؤول وغير مراقب او من خلال مجموعة فتاوى منفعلة تفصل حسب الحاجة.
نعلم ان الجهاد هو أسلوب ونموذج فكري قائم في التاريخ الإسلامي وقد تم استخدامه عبر التاريخ لتحقيق أهداف وسياسات مختلفة، فالقارئ للتاريخ الإسلامي يستطيع أن يلحظ كيف تم طرح فكرة الجهاد في مراحل زمنية متفاوتة من تاريخ المسلمين محل فكرة الحرب.
على اجهزة الدولة المختلفة الأمنية والتربوية والدينية ان تعترف ان هناك خلل ما لا بد من معالجته .. وإلا فان الاردن لا قدر الله قد تتحول الى بؤر ارهاب فكري مبطن أبطالها شباب مساكين يخافون المستقبل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ويصبح طريق الموت هو الطريق الصحيح أمامهم..!
على تواصل
بالمناسبة العديد من زملاء وأصدقاء ياسر لا يزالون يتواصلون معه عبر الفيسبوك والرسائل لتشجيعه على الالتحاق بهم.. وعندما اسمعهم كلاما قاسيا اتهموه بانه جبان وطفل لا يستطيع ان يأخذ قراراته بنفسه ..الخ
«يعني» حتى بعد ان يغرروا بهم .. يسهلون الامر أيضاً أمامهم عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لكي يضغطوا على غيرهم من الشباب للالتحاق بقطار الموت ..!
اتقوا الله في أولادكم .. وأولاد غيركم
كل ام تريد فلذة كبدها أن يعود إلى أحضانها..
تريد الولاية على أولادها ولا ولاية لأحد عليهم ، لأنه ما من أب يرسل ابنه إلى الموت .
مجرد التفكير في احتمالية ان تتلقى صديقتي او اي أم كانت مثل تلك المكالمة من ابنها (اطمئني يا أمي انا في سوريا.. في طريقي الى الجنة) كما يصورون الامر لهم ترعبني..!!!
مرة ثانية اقول ..اتقوا الله في اولاد غيركم..!