46 عاماً على انطلاقته .. التليفزيون الأردني والمنافسة .. *أ. د. نبيل حداد
mohammad
28-04-2014 02:43 AM
كانت السنة هي 1968، وهي السنة التي تلت العدوان الأكبر على أمتنا العربية خلال العصر الحديث، كانت الأمة كلها مهزومة عسكرياً، ولكنها كانت متوقدة الروح مشتعلة الوجدان وعلى كل الصعد، في تلك السنة أطل التليفزيون الأردني ليكون جزءاً من المشهد الإعلامي... أكثر من هذا مكونا من مكوناته... وبات واضحاً أن التليفزيون الأردني في بداياته قد قبل التحدي...
في تلك الأيام نهاية الستينيات، وعبرالسبعينيات وربما ما بعدها، كانت المنافسة تنحصر بين ثلاثة أو أربعة محطات تليفزيونية.
كان هناك التليفزيون السوري واللبناني "والإسرائيلي" وربما أفلح البعض، بوسائل استثنائية في التقاط التليفزيون المصري ... ثم طرأت في الثمانينيات محطة تليفزيون "الشرق الأوسط" التي كان وراءها الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. جميع المحطات تقريبا (باستثناء إحدى المحطات اللبنانية) كان البث التليفزيوني فيها حكومياً وإذا كان الأمر يتعلق بمنافسة بين الحكومات فربما نحظى هنا في الأردن بأجهزة حكومية تتفوق على كل منافساتها في المنطقة في كل نشاط، (والضرائب خير مثال).
لذلك كنت ترى للتليفزيون الأردني حضوراً وأي حضور، سواء لدى الأسرة الأردنية التي كانت تتحلق بشكل شبه يومي بدءاً من الثامنة وقت نشرة الأخبار التي كان يشاهدها كل الأردنيين الراشدين (وأقول هذا على سبيل الشمول لا الترجيح) ثم تأتي السهرة مع المسلسل وما يتخلله من فقرات إعلانية مطولة كانت تبلغ أحيانا درجة الابتزاز، ولكن المشاهد الأردني، والعربي القريب شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كان يتحمل بطيب والله "خفة الدم" الإعلانية لأن ما يقدمه التليفزيون الأردني آنذاك كان مادة من صميم وجدانه تخاطب مركز اهتمامه، بل ينطلق العديد من مواده من قلب مصالحه المباشرة وغير المباشرة...
لم يكن حتى التليفزيون الإسرائيلي (الحكومي) بما يمتلكه من إمكانات قادرا على منافسة التليفزيون الأردني، ربما كانت الإذاعة الإسرائيلية منافسا حقيقيا للإذاعات العربية نتيجة لتراكمات تاريخية تتصل بمصداقية الخطاب العربي السياسي، ومن ثم الإعلامي، قبيل هزيمة 1967م.
حسناً، دوام الحال من المحال، فما أن أهلت التسعينيات، وفرض الفضاء المفتوح نفسه على كل بيت، وما أن تعاظمت الإمكانات المادية وأتيح الإنفاق على الإعلام دون حساب، حتى انتقلت المبادرة إلى من يملك أكثر... هنا لابد أن تقف إمكانات دافع الضرائب الأردني، وهي المورد الأول لكل مؤسساتنا عاجزة عن المنافسة...
لذلك صدق من قال: لا تقارنوا التليفزيون الأردني بما يبثه الإعلام "الخاص" التابع للدول الشقيقة ذات الموارد غير المحدودة... بل قارنوا ما نبثه بما تبثه محطات تليفزيونات الأشقاء الرسمية ... لتكتشفوا (وهذه من عنديات كانت السطور) إن مؤسساتنا الحكومية ليست قادرة على التفوق في مجال الضرائب فحسب... بل في مجال البث التليفزيوني...