نتمنى ان يذهب قطار المصالحة الفلسطينية الى نهايته السعيدة ، فالانقسام في جوهره قدم نموذجا فلسطينيا رديئا ، فليس من المعقول ان تطالب ( حكومات ) السلطة العرب بموقف مساند وهم لايساندون انفسهم بل تفتح كل حكومة سجونها لابناء التنظيم الحاكم في الحكومة الثانية ، وابواب الضفة مغلقة في وجه أي فلسطيني من حزب غزة الحاكم والعكس ايضا.
والانقسام الفلسطيني أكد أن امراض العالم العربي في الحرص على السلطة متجذرة ايضا لدى ( الثوار ) و ( أهل المقاومة !! ) ، وان الدم الفلسطيني رخيص على الطرفين مقابل ( حمساوية الحكومة ) او ( فتحاوية حكومة الضفة ).
سنبقى متفائلين بحذر لان محاولات المصالحة السابقة في اتفاق مكة واتفاقات القاهرة كانت تبدأ بالحديث الايجاني ثم تتوقف الامور فجأة ، وهكذا تغيرت وقائع كبرى في العالم العربي لكن حكومتا السلطة بقيتا اثنتين حتى اليوم.
ربما يكون الجديد اليوم (مخلفات ) محاورالربيع العربي وانعكاساتها على حماس ، حيث اغلقت بوجهها كل العواصم الا ما يعرف الجميع ، فلا سوريا ساحة متاحة ، ومصر تعتبر حماس تنظيما ارهابيا لدخولها في تفاصيل الشأن المصري ، والخليج باستثناء قطر ، ولهذا فقد تكون( مخلفات ) تغير قائمة المحاور ، وما لحق بالمحور الذي يستثمر الاخوان المسلمين ، قد يكون هذا دافعا لعملية المصالحة لان تتجاوز عمليات الفشل والتعثر التي لحقت بمحاولات سابقة ، وقد يكون اغلاق ابواب التفاوض في وجه حكومة الضفة ، وخسارة حماس لكل ساحاتها في سوريا وايران ومصر ومعظم الخليج وحتى لبنان سببا لتذهب الحكومتان باتجاه بعضها البعض وانهاء نموذج الاحباط والتنازع على سلطة تحت رحمة الاحتلال ، نموذج ساهم في تراجع مكانة القضية الفلسطينية على اكثر من صعيد.
ومما يعزز فرص نجاح المصالحة ان الحكومتين تتبنيان نهجا عمليا واحدا وهو وقف المقاومة ، فحماس تحكم غزة منذ سنوات ، والمقاومة هناك غير موجودة الا كرد فعل على عدوان اسرائيل ، وكلما نقض صاروخ التهدئة عادت حماس ورممتها ، والتهدئة اتفاق سياسي جوهره ابقاء حدود غزة بلا مقاومة ، ولهذا فالحدود آمنه سواء كانت تحت حكم حماس او فتح.
اما المفاوضات فالامر تم حسمه منذ اتفاق مكة حيث تم اسناده في حينه الى منظمة التحرير ، أي هناك موافقة عامة من حماس على قيام منظمة التحرير بالتفاوض ، وبشكل عام فان حكاية المفاوضات ليست خلافية لانها متعثرة بسبب اسرائيل.
رب ضارة نافعة... وقد يكون ما جرى مع الاخوان وحماس من فقدان للحفاء والعواصم بابا من ابواب ذهاب المصالحة الى أكثر من مرحلة توقيع الاتفاقات ، دون ان ننسى ان رافضي اتمام المصالحة اكثر من المتحمسين لها.
(الرأي)