تجدد الأحداث في محافظة معان الجنوبية لها أسبابها ودوافعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
فبين الحين والحين تطالعنا وسائل الاعلام المختلفة بالأنباء المثيرة للقلق والخوف التي تتحدث عن صدامات واحتجاجات ومواجهات تؤدي إلى خلق حالة من الفوضى يرافقها اعتداءً على المرافق العامة والممتلكات الخاصة وسقوط بعض المواطنين من مدنيين وعسكريين. و إن هذا يشكل استنزافاً لمقدرات البلد و إعاقة لنموه و استقراره .
لقد تعددت الأسباب الموجبة للاحتجاجات الشعبية والحراكات الشبابية ، ولكن العامل الاقتصادي ظل السبب الرئيسي ، الذي سرعان ما يتطور إلى مطالب شعبية كمحاربة الفساد والقضاء على الفاسدين ورفض رفع الاسعار وفرض الضرائب، يرافقها رفع الشعارات السياسية التي تدعو للإصلاح السياسي و تغيير قانوني الانتخاب والأحزاب .
لقد أصبحت هذه الحالة عامة شاملة لجميع محافظات الأردن ، ولكن الذي يميز محافظة معان أن الشرائح الاجتماعية هي الأكثر تظلماً بسبب انتشارا البطالة والفقر، وضعف خطط التنمية التي لا تأتي أحياناً إلا بالمواسم ،وعلى شكل هبّات وفزعات ، لا تلبث أن تتلاشى تأثيراتها سريعاً.
لقد بات من الحاجات الملحة في هذا الوقت الاهتمام أكثر بوضع خطط التنمية المستدامة، والمشاريع الاستراتيجية التي تتسع لتشغيل العدد الأكبر من أبناء الأردن المتعطلين عن العمل ، و ذلك بتفيذ خطط تنمية المحافظات بجدية ، و تعميم المشاريع الإنتاجية الصغيرة و المتوسطة على مدن و قرى الأردن .
كما أن الاعتماد على العصا الغليظة لاحتواء الاحتجاجات هو من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الحكومة ، وهذا ما تقوم به الآن في محافظة معان. إن معالجة هذا الوضع الشاذ يحتاج إلى دراسة الواقع بكل تناقضاته ومسبباته، ووضع الحلول القادرة على إنهائه. وأن ضمان الأمن والاستقرار لا يكون بإدخال قوى الأمن لمواجهة الاحتجاجات المتأججة. لأن مضاعفات ما يجري الآن ستكون خطيرة ، وعلى الجميع أن يدرك أنها البداية للأسوأ.فالارهاب الذي بدأ يطرق الأبواب هو الخطر الأكبر الذي يهدد أمن الأردن ، و أصبح على الجميع واجب مواجهته ووقف أخطاره المدمرة .
لقد أخطأت الحكومة في المرات السابقة عندما قدّرت الأوضاع تقديراً مغلوطاً،وبخاصة أن ما يجري وما جرى في معان وغيرها من المحافظات ، ليس إلا ردود أفعال لما يحدث حول الأردن من حروب . كما أخطأت عندما فتحت المجال للقوى السلفية للتمدد في بيئة حاضنة، وللإعلام في تغطية أخبار القياديين السلفيين الذين يحضون على" الجهاد" ويغسلون أدمغة الشباب ويزرعون في عقولهم الأوهام والخرافات والغيبيات.
إن إعادة الأمن والطمأنينة إلى أبناء معان بشكل خاص وأبناء الشعب الأردني على وجه العموم، لا يكون إلا بمبادرة من جلالة الملك ، يطمئن فيها المواطنين ويعيد الثقة بالسلطة لمعالجة هذه الأوضاع الاستثنائية وفق القانون التي تؤثر سلباً على أمن واستقرار الأردن .
النائب
حسن عجاج عبيدات