بين التنمية الشاملة والأماني الواهمة تستطيع الحكومات المتتالية أن تضع حداً لمعاناة أبناءها الدائمة فالفقر والبطالة ؛ والعدالة والشفافية كانت ولا زالت مواضيع تحكم التنمية وتدمر الأمنية ؛ فالتنمية الشاملة تفضي إلى مشاريع حقيقية قوامها تطوير المحافظات وتوفير فرص العمل الملائمة للمواطن !
لقد مل المواطن الأردني الحديث عن الأمنيات اللامتناهية فمكافحة الفقر وتوفير فرص عمل جديدة وإنشاء المناطق التنموية والصناعية وجلب الإستثمارات الأجنبية ، كل هذا وذاك إن لم ينعكس على حياة المواطن فلا جدوى منه !
منطقة معان التنموية هي مثال حي على الخلط بين مفهوم التنمية والأمنية فمن أجل تحقيق مفهموم التنمية الشاملة والمستدامة يجب أن يتم تسخير كافة الجهود والإمكانات من أجل تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية حيث تؤدي التنمية إلى رفع القدرات والمهارات البشرية من خلال تنفيذ الخطط القصيرة والمتوسطة وطويلة الأمد ضمن رؤية شمولية، أما التنمية التي شهدتها معان خلال السنوات السابقة فهي ازدياد في حجم البطالة ، إزدياد في حجم الفقر، إزدياد في حجم تجارة السلاح والمخدرات !! وللتذكير فقد بلغ معدل البطالة في معان 20% وفق احصائيات العام 2013 ؛ أما معدل الفقر فهو من أعلى المستويات بين المحافظات الأردنية حيث يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد لعام 2013 في محافظة معان 1330 دينار سنوياً ، أي بمعنى 110 دينار شهريا فعن أي تنمية تتحدثون !
لقد فتح الجوع والفقر ؛ والبطالة والإكتئاب ؛ والشعور بالظلم والقهر أبواباً للبعض في التمرد وعدم احترام القانون والإستخفاف بهيبة الدولة ، كما قاد البعض الآخر إلى إستغلال الأحداث الاقتصادية الصعبة لتمرير أجندات خاصة عبر التحريض والتهويل فالقصور الحكومي في بعض الأمور من إستباق في دراسة الأحداث والواقع المعيشي لأبناء المحافظات وتقييم البعد العشائري والأمني والاقتصادي والاجتماعي بشكل مترابط وفق رؤية وطنية متزنة تغلفها الحكمة والواقعية.
إن من يتحدثون عن التنمية يجب أن يكونوا على علم وخبرة في ما يخططون لتنميته فمعان على سبيل المثال لا الحصر تبلغ مساحتها 33163 كم تعادل ثلث مساحة الأردن وهي بذك أكبر المحافظات مساحة اما عدد سكانها فهو 104299 نسمة وهو من أقل المحافظات وهي المحافظة الوحيدة التي قل عدد سكانها في مقابل تزايد عدد سكان المملكة ! أما عشائرها فهي من العشائر التي إتسمت بالأصالة في تاريخها فالخطاب والبزايعة والفناطسة وغيرهم لهم تاريخهم الطويل في المنطقة؛ من يريد التنمية يجب أن يدرك اهمية العقيقة والبريكة والفرذخ والبسطة وايل وباير والفيصلية والمريغة واذرح والراجف والبيضا والهاشمية والحسينية وغيرها من هذه القرى التي لا تعرف عنها خطط التنمية إلا الأمنية في أن تخرج هذه التنمية من واقع المخططات والأوراق إلى واقع حياتي !
إن معالجة اليد النازفة تعتبر من السهولة للبعض، ولكن وقف الجرح العميق يحتاج إلى طبيب مختص في علم الجراحة والطب ، والكثير يدرك أن البحث في أصل المشكلة وكيفية حلها هو الأكثر صعوبة من النظر إلى واقع المشكلة من هنا فإن تحقيق الإستقرار الاقتصادي الاجتماعي يقتضي أن ينتقل البعض منا الى البحث عن التنمية من خلال تلمس حاجات المواطنين في المحافظات والقرى وفق رؤية حرفية تعمل على ربط الأبعاد في بعضها البعض لإيجاد الحلول الملائمة والتوسع في تحفيز الاقتصاد وتوجيه القطاع الخاص لكافة محافظات المملكة.