الالتزام من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الانسان السوي وبدون أن يكون الانسان ملتزما لا يمكن أن ينجح في حياته ويحضرني هنا قول مهم للفيلسوف الالماني كانت عن الالتزام حيث يقول: أعظم شيئين عرفتهما في حياتي: السماء ذات النجوم فوق رأسي والقانون الأخلاقي في أعماق نفسي ويقصد معرفته للخالق ومعرفته لمبدأ الالتزام.
هذه المقدمة تقودنا للحديث عن بعض النواب غير الملتزمين بعملهم الذين يتغيبون عن جلسات مجلس النواب بدون عذر رسمي وإذا حضروا لا يشاركون في النقاشات التي تدور في المجلس حول مشاريع القوانين المعروضة عليهم لأنهم مع الأسف لم يطلعوا أو يقرأوا هذه القوانين وهؤلاء النواب خسروا بالتأكيد ثقة قواعدهم الانتخابية وخذلوا المواطنين الذين انتخبوهم.
لا يوجد نائب من هؤلاء النواب غير الملتزمين إلا وأطلق عشرات الوعود لناخبيه بأنه سيمثلهم خير تمثيل في مجلس النواب في حالة نجاحه وسيكون صوتهم الحقيقي في المجلس ويدافع عن حقوقهم ويكون الرقيب الذي لا تغفل عينه عن أداء الحكومة وعندما اقتنع المواطنون ببرنامج هؤلاء النواب وبوعودهم انتخبوهم وأوصلوهم إلى مجلس النواب لكن مع الأسف فإن جميع الوعود التي قطعوها تبخرت في الهواء والبرامج التي كانوا يتحدثون عنها أصبحت في خبر كان.
المواطن الأردني اليوم ليس المواطن بالأمس فقد أصبح المواطنون الأردنيون معروفين بتميزهم وبمستواهم العلمي والثقافي وهم قادرون بامتياز على التمييز لذلك فهم يتابعون أداء النواب ويتحدثون في جلساتهم الخاصة عن أدائهم وينتقدون بشدة بعض النواب خصوصا الذين يغيرون مواقفهم خلال أيام قليلة أو الذين يتغيبون عن الجلسات بدون عذر رسمي.
عندما ناقش النواب نظامهم الداخلي وكان هناك اقتراح بأن تفرض عقوبة على النائب الذي يتغيب عن جلسات المجلس بدون عذر رسمي مقدارها مائة دينار عن كل جلسة لم يوافق السادة النواب على هذا الاقتراح وذلك لكي يتغيبوا كما يريدون وكما يحلو لهم بدون أي ضبط وربط وبدون أن يحاسبوا والعقوبة التي فرضوها على أنفسهم هي الحرمان من السفرات الرسمية إذا ما تغيب النائب ثلاث جلسات بدون عذر رسمي وهذه العقوبة هي عقوبة شكلية وليس لها أي مفعول حقيقي.
المواطنون الذين انتخبوا النواب لا يريدون منهم أن يصنعوا المعجزات بل أن يقوموا بعملهم فقط وهو الرقابة على الحكومة ومناقشة مشاريع القوانين واقرارها أو رفضها لكن مع الأسف بعض النواب الذين ضمنوا أنهم سيبقون في المجلس لمدة أربع سنوات بدأوا بالتعامل مع هذا المجلس بنوع من عدم المسؤولية فهم يتغيبون ولا يشاركون في النقاش الذي يدور تحت القبة وكأنه لا علاقة لهم بالمجلس النيابي أو بمشاريع القوانين التي تناقش هناك.
ما زال الوقت في صالح النواب الذين يتغيبون عن جلسات المجلس والفرصة ما زالت سانحة أمامهم لكي يغيروا من سلوكهم ليستعيدوا ثقة المواطنين بهم.
(الدستور)