الطفيلة الجاثمة على سفح الشراة مثل قلادةلملكة من ملكات التاريخ .تخفي زينتها عن عيون الخطار الذين اضربوا عن المرور في الطريق السلطاني الذي اخترق سلاسلها الصخرية منذ حل الرومان ضيوفا عليها ورحلو بعد رفع الاذان في مساجدها الصغيرة.
اليوم كنت على موعد صباحي مع تلالها التي بدت تودع ربيعها الذي اتى مبكرا وقرر ان يرحل قبل ان تبدد شمس الجنوب بقايا غيوم الشتاء التي تفلتر الاشعة وتخجل جسارتها ..
حفظت لنا الطفيلة الزيتون والعنب وبقايا من اشجار الارز والصنوبر والملول و جلبت لرعاتنا الظلال وامال العشق والحلم وتاكيداتها بان السماء لا تخذل الطيبين والنساك وزراع الحياة وكل الذين لم يتوقفوا عن الاحتفال بنثر حبات بذارهم مهما راوغتهم الطبيعة .
بدت المدينة العتيقة وكأنها تختبر صبر اهلها الزاهدين بكل ما وعدوا به عبر السنين.... وهم يستمعون لصوت سيدة الغناء العربي
الذي بدى وكانه لا يتوقف عن ترديد "ف أت او لا تأتي.....او ف افعل بقلبي ما تشاء"
ما ان تتجاوز الدوار السابع ."اشارات البلتاجي حاليا"...حتى تبدا باكتشاف مشكلات الجنوب....فتبدو الطريق الصحراوي وكانها الدليل التفسيري لشكوى الاهالي ومعاناتهم .... فمع تسارع الدوران لدواليب سيارتك يتزايد لديك الاحساس بانك قد بدات رحلة من رحلات التحدي والمغامرة....الطريق تفقد اتجاهاتها....ويتغير عرضها عشرات المرات ...يختفي الاتجاه المعاكس على الطريق لتفاجأ مرار بالشاحنات القادمة باتجاهك دون وجود ما يفصلك عنها غير بقايا علامات المسرب التي خطت ببقايا الدهانات التي تحتاج الى التحديق والتدقيق لتعرف بوجودها.
عشرات المطبات بلا عاكسات عليها ......تشعر بانها وضعت حسب تقدير العمال لا مخططات المهندسين .....المسافات بينها اقل من المسافة بين اعلان واعلان على الفضائيات التي اوجدها اصحابها لبيع مستحضراتهم التجميلية .....ودهاناتهم الرائجة ... او الاستجداء باسم عمل البر والاحسان............
بقية الطريق الممتد من سواقة الى الحسا لا يخلو سطحه من الحفر والميلان والتكسير الذي يبدو وكانه وجد لمعاقبة المارين وتذكيرهم بان الخدمات امتياز لا يستحقه الا من اثبت الطاعة و حسن النية والسلوك.
المتذمرون والمتطلبون والمزعجون لساكني عمان واحيائها الغربية الجميلة سيبقون محرومين من الخدمات الى ان يتوبوا......عملا بخكمة نانسي عجرم ...".واللي بيسمع كلمة امه شو بنقله.....شاطر..شاطر..."
الطريق من الحسا الى الطفيلة بدت جيدة.....كيف لا وقد استغرق العمل على فتحها وتجهيزها 18 عاما......حيث خرج العديد من المهندسين الذين وضعوا المخططات الاولى لتنفيذها من العمل على نظام الاستيداع قبل ان يلمحوا دوران العجلات على اسطحها التي انكشفت للاطارات قبل اقل من عامين.....
بدت الطريق الى عيمة شبيهة بطرق جبال المرتفعات الافغانية فالحفر لا تحتما والاخاديد التي خلفها متعهدوا خدمات البنى التحتية بدت واضخة للمارة وتعطيك جرعة قوية من الاحباط وتجدك تتسائل حول مصير المليارات التي تاتي لتساعدنا في انشاء البنى التحتية ومصيرها....وعن جدوى الزيارة التي قام بها فريق الدكتور سيف وزير التعاون الدولى بحثا عن افكار لمشاريع البنى التحتية في المحافظة التي بدت وكأنها منكوبة في كل شىء.
من قرية عيمة ومن وسط الزحام هاتفت معالي وزير الاشغال وشكوت له من شكوى الناس وسوء حال الطريق الذي يسهم الاستمرار في السير علية استنزافا لدخول الاسر المحدودة ودفعهم ربما للشك بان دولتهم لا تريد لهم الخير.....وقد اجابني بانه يعرف عن الطريق لكن المشكلة في المتعهد" فالبيضة عند الجاجة....والجاجة بدها علف" اوليس المتوقع ان تحل الحكومات المشكلات دون الاستعانة بتفسير تاخرها لاسباب ادارية...وما علاقة الناس بذلك.
المسألة الاخرى تاخر ايصال احد احياء الطفيلة الهامة بشبكة الصرف الصخي لاكثر من ثلاثة اعوام وفي كل مرة الاجابة هي هي......لا ادري لماذا تتم المحافظة على مسؤول لا يستطيع خدمة الناس في مؤسسة خدمية........
مشكلات الطفيلة تختلف عن المشكلات التي يوردها المستشرقون في تقاريرهم ومؤتمراتهم الصحفية..... فمشكلات الطفيلة مثل معان والكرك وعجلون والمفرق وجرش مشكلات سوء فهم ...وسوء تقدير ...وقلة عناية... ونقص صارخ في التواصل والتاثير والاحترام.