أنا لا أريد أن اكتب عن كامل محادين , ولكني أريد أن أكتب عن العقبة ...وثمة شيء يقلقني في المشهد , ويتعب .
زمان كنا نعترض على التكنوقراط , ونقول في لحظة تأمل أن هذا التيار حين يدير مؤسسات الدوله يديرها بعقلية غربية , منزوعة من الفهم الإجتماعي للدولة وشعبها ..كنا نقول أيضا أنك لا تستطيع أن تصدر قرارا إقتصاديا دون فهم التكوين الإجتماعي , ودون معرفة إنعكاسات هذا القرار على الناس ..وبرزت في لحظة ما نداءات بإبعاد هذا التيار عن مفاصل صنع القرار الإقتصادي وحملوا مسؤولية بيع مؤسسات الدولة وتدمير الإقتصاد .
العقبة كانت مثالا على هذا الصراع , وكانت محط حديث الإعلام حول إدارتها والذهنية التي تقود الإستثمار فيها ...
حين جاء كامل محادين إليها رئيسا , ظل الهجوم قائما لكنه تحول من تكنوقراط ومن بيع مؤسسات الدولة إلى حديث عن الفساد ,بمعنى :- أن أحدا لا يستطيع أن يتهم محادين بأنه تكنوقراط منزوع الدسم ...ولا يستطيع أي أحد كان أن يقول عن محادين بأنه غير واع وغير مدرك للتاريخ الإجتماعي للدولة, ولا يجرؤ صحفي أو كاتب أن يقول عنه مثلا بأنه يطل على الوطن من شباك الطائرة , أو أنه أمضى العمر في جامعات أمريكا وجاء إلى البلد كي يجرب خبرات الشركات هناك .
كامل من تراب الكرك ومن أسرة تتقن استعمال المحراث , وتعشق الكتاب ..ولكنه , ما زال يجابه بتهمة الفساد وتخريب العقبة وأنه دمر الفكره .
المشكلة ليست فيمن يتولى مسؤولية المنطقة الخاصة , المشكلة في الإعلام فهو جاهز للتهم المعلبة , وأنا لا ألوم الإعلام أبدا حين يهاجم تيارات غريبة على البلد لا ألومه حين يجابه أو يكره عقلية الشركات واقف معه حين يحرص أن يكون المسؤول مدركا وملما بالبنية الإجتماعية للدولة ..
ولكن منذ أن وصل كامل محادين للعقبة , تبدل الهجوم وأخذ شكلا أخر وهو الفساد ..وكأن المحادين هو من أجهز على هذا المشروع ودمره ..
أنا أكتب من العقبة , الشوارع ما زالت نظيفة والناس هنا ما زالت باسمة والفنادق لاتعاني من الغرف الفارغة , وحركة البيع ليست سيئة ...
كل هذه التفاصيل نسيناها وكامل صار المشكلة ...على كل حال أنا لا أعرف أين المشكلة , ولكني نفسي لا أجد في كامل محادين مشكلة بقدر ما أجد في عملية توظيف الإعلام لخدمة بعض المصالح الضيقة مشكلة .
(الرأي)