اهتزاز العلاقة الأميركية السعودية
د. فهد الفانك
25-04-2014 02:17 AM
كان الاعتقاد السائد بين المحللين السياسيين أن العلاقة بين السعودية وأميركا تمثل تحالفاً استراتيجياً دائماً يقوم على أساس ان تضمن أميركا أمن السعودية مقابل أن تضمن السعودية شحنات البترول الحيوية لأميركا وحلفائها.
استمرت هذه العلاقة الوثيقة بين الطرفين عدة عقود ، ابتداءً من الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ، وأصبحت حقيقة مفروغا منها من حقائق الشرق الأوسط.
لم يعد الأمر كذلك ، فالعلاقة بين الطرفين لم تعد على ما يرام لدرجة دفعت الرئيس الاميركي لزيارة السعودية في محاولة لإنقاذ العلاقة القوية ، حماية لمصالح الطرفين.
اللقاء الأخير بين الملك السعودي والرئيس الأميركي لم يغير شيئاً ، فالمشكلة لا تتمثل في سوء تفاهم بل تدور حول قضايا استراتيجية يصعب على اي من الطرفين التساهل فيها.
في الملف الإيراني ترى السعودية خطراً داهمأً يزداد فظاعة إذا أصبحت إيران دولة نووية ، خاصة وأن مطامعها في منطقة الخليج العربي معروفة ، أما أميركا فتفضل أسلوب التفاوض والتهديد بالعقوبات لإغراء إيران بالتخلي عن طموحاتها الذرية.
وفي الملف السوري لم تعد أميركا راغبة في التدخل المباشر أو ضرب النظام السوري لأنها تتخوف من سيطرة الجهاديين على سوريا وتحويلها إلى قاعدة لتصدير الإرهاب ، ولذا تكتفي بتزويد ما تسميه المعارضة المعتدلة بالسلاح ، مما لا يعني اكثر من تطويل أجل الحرب الأهلية.
وفي العراق تريد أميركا الانسحاب ، ليس عسكرياً فقط بل سياسياً أيضاً ، فعقدة العراق أصبحت إعادة إنتاج لعقدة فيتنام. في المقابل تريد السعودية من أميركا استخدام نفوذها لوضع حد للهيمنة الإيرانية على العراق.
أما فيما يتعلق بالموقف تجاه ما يجري في مصر فإن أميركا عبـّرت عن امتعاضها بتجميد المساعدات المالية والعسكرية ، والاعتراض على قمع الإخوان المسلمين اللذين ترى فيهم السعودية حركة إرهابية ، وإن مصر تستحق الدعم للقيام بدورها العربي.
وهناك بطبيعة الحال انتقادات أميركية مبطنة لأسلوب الحكم في السعودية ، مما لا تجرؤ على المجاهرة بها حرصاً على مصالحها.
السعودية أثبتت استقلالية قرارها ، واختارت أن تتعامل مع أميركا بعد الآن على أساس من الندية. وحيث لا يرغب أي من الطرفين بإيصال الامور إلى حالة عداء وقطعية ، فإن من الأرجح أن تظل أزمة العلاقات الأميركية السعودية في حالة ضغوط متبادلة.
(الرأي)