دونما تردد وجدت نفسي أتحمس للقرار الجريء والصحيح بتوحيد صدور عدد من الصحف الأسبوعية في إطار حملة إعلامية مضادة للرد على ما قامت به مجموعة من الصحف الدنمركية بتكرار نشر الإساءة لأكرم الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..هذه الخطوة مهمة جدا وتلقى التجاوب والتقدير لأنها لا تخرج عن إطار الفعل نفسه, وهي أيضا عمل ديمقراطي وحضاري ينم عن وعي كامل بالدور الذي يجب أن تتحمله الصحافة المستقلة في التصدي لمثل هذه الإساءات التي لا تملك الدول القدرة على كبحها أو تقنينها وإلا لبستها تهمة انتهاك الحريات رغم تحفظنا الشديد على مثل هذه الحريات التي تسمح بالإساءة للأنبياء ,وما قرار الصحف الأردنية الأسبوعية وتحالفها مع الجرائد الالكترونية لأخذ زمام المبادرة بالدفاع عن الرسول محمد بوجه حملات تشويه الإسلام والإساءة لرموزه, إلا الخطوة الأكثر نفعا وفائدة وتأثيرا والتي ترفع عن كاهل الحكومات مثل هذه المسؤولية عندما تصبح القنوات الرسمية عاجزة عن فعل أي شيء لأن الصحافة في الغرب لا تتبع الحكومات وإن كانت تتناغم مع عدد منها في حملاتها التي تستهدف المسلمين والعرب وقضايا الشرق الأوسط ,لقد كان هذا هو رأينا منذ البداية ولم يتسنى لنا تكوين مثل هذا التحالف - الذي نقدر ونحترم القائمين عليه- عندما تصدينا للدفاع عن الإساءة الأولى بما كنا نعرفه من الأدوات,وسواء أصبنا أو أخطأنا فأن النوايا كانت ولا زالت الاصطفاف جنبا إلى جنب مع شركائنا في الرسالة المحمدية والدفاع بكل ما نملك من معرفة وعلم عن كراماتنا وعزتنا التي نستمدها من جذورنا وتبعيتنا الفطرية لعقيدتنا ومبادئ ديننا .
إنها لفكرة نبيهة تعزز الثقة بالنفس وتؤكد ثباتنا وقدرتنا كمسلمين على التعامل مع الأحداث بقدرها ومقدارها دون شطط أو جنوح عن المبادئ السمحة للدين الإسلامي والتي تنادي بالتعارف والتعاون والحوار والمخاطبة بالتي هي أحسن وهذه القواعد ما يجب أن تحدد مقدار فعلنا المعاكس حتى عندما نكون في أشد حالاتنا غضبا على الإساءات التي نتعرض لها كمسلمين أو تلك التي تستهدف المس بعقيدتنا ورسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم , وما فعلته الصحف الدنمركية عمل مشين لا يمكن التعامل معه على انه حرية في الرأي أو ديمقراطية غربية كاملة ,ومن حقنا أن نغضب وأن نرد بما علمنا الإسلام من لغة مدعمة بالبينات والحجج, وأولا وقبل كل شيء بالثقة التي لا تتزعزع بأن سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أعف واطهر من أن تنال منها إساءات هنا أو هناك ,ولكي نملك شرعية الرد والقدرة على التأثير علينا نحن أتباع النبي أن نتحلى بخلقه ونتسلح بالعلم الكافي والمعرفة الصحيحة بديننا الحنيف لتوضيح رسالته وتقديمها بالصورة البهية التي تليق بصاحب هذه الرسالة.
إننا نرفض الإساءة جملة وتفصيلا وبنفس الوقت الذي نجد فيه أنفسنا مجبرين مرة أخرى على العودة إلى مربع سوء الفهم وغياب التفاهم مع الغرب القريب من عالمنا ,فإننا نضع المسؤولية الكاملة على عاتق العقلاء في المجتمعات الغربية وهؤلاء هم الأكثرية التي يمكن المراهنة عليها لتغيير المشهد ونزع فتيل الكراهية بيننا بالاعتراف بحقنا عليهم احترام عقيدتنا ورسولنا وبحقهم علينا احترام عقائدهم ومبادئ حياتهم وديمقراطيتهم حتى عندما نختلف معهم ,وهذه الدعوات التي حملها عقلاؤنا لعقلائهم على مدار عقود من حوار الحضارات الذي لم يكفل بعد حماية الأنبياء من الإساءة تنبع من صميم المعتقد الإسلامي وفكر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ودعواته للصلح والسلام والتعايش ,هي المبادئ التي يجب أن تحكم كل تصرف للتعبير عن سخطنا وغضبنا جراء الإساءات المتكررة والحملات التحريضية على الإسلام والمسلمين .
خطوة في محلها وموعدها وقرار واع يتخذه أصحاب الصحف الأسبوعية وناشرو المواقع الالكترونية بتنظيم هذه الحملة الإعلامية ليس فقط للرد على إساءة الصحف الدنمركية وإنما للتعريف بالسيرة النبوية وتقديم الحقيقة عن الرسول محمد (ص)لمن لا يعرفها ,ولعل من الحكمة أن تترافق الحملة مع جهد رسمي داعم من الدول العربية والإسلامية للوصول إلى ضمير المجتمعات الغربية وتقديم النماذج الواعية العاقلة من العرب والمسلمين ليكونوا سفراء لفكر وسيرة الرسول الكريم ورسالته التي تتعرض للتشويه في شرقنا قبل غربهم ,هذه النواة من العمل الجماعي المبشر والذي تقوم به مجموعة الصحف الأسبوعية الأردنية تستحق أن يبنى عليها لتكوين جبهة فكرية تكون جاهزة للرد عندما يقتضي الرد بالحجة والبينة بعيدا عن لغة التهويش التي لم يعد يسمعها احد, أنه جهد يستحق شكر الجميع .