التيار الديمقراطي الفلسطيني ، هل يتوحد ؟
راسم عبيدات / القدس
05-03-2007 02:00 AM
........من البديهي والمسلم به القول ، أن الحاله الديمقراطيه ، هي حاله موضوعيه في
المجتمع الفلسطيني ، لأنها تعبر عن مصالح فئات وقطاعات واسعه في المجتمع الفلسطيني ،
وعلى مستويات مختلفه سياسيه ، إقتصاديه ، إجتماعيه ، ثقافيه ... الخ ، ولكن هذه الحاله
تفتقر الى الحوامل والأدوات السياسيه والتنظيميه ، التي تمثلها ، لكي تصعد وترتقي بها
الى الدور والفعل المؤطر والمنظم في الجوانب السياسيه والإجتماعيه ... الخ ، وما يجب
علينا قوله أن دور ووزن هذه القوى في المجتمع الفلسطيني ، رهن بقدرتها على الفعل وتقديم
نفسها ، كقوه مؤثره قادره على كسر حالة الإستقطاب الثنائيه القائمه في المجتمع
الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس ، وتحقيق هذا الهدف رهن أيضا ، بالشخوص والحوامل
والأدوات وطرائق العمل ، وكذلك الذهنيه والعقليه الحزبيه اليساريه المغلقه ، وعدم رؤية
القوى الديمقراطيه لنفسها لبديل جدي ، أو ترجمة هذا الشعار لفعل على أرض الواقع ، وهي
لا ترى في نفسها بديل ، بل على أساس التبعبه لأحد القطبين الرئيسين فتح وحماس ، بدل من
أن تبني وتشق لنفسها طريق مستقل ، يرسخ في وجدان الشعب الفلسطيني وثقافته السياسيه ،
بحيث يشكل بديل للبرنامج البرجوازي الليبرالي الذي تمثله فتح ، والبرنامج البرجوازي
المحافظ بالمعنى الإجتماعي والفكري والذي تمثله قوى الإسلام السياسي ، برنامج حماس ،
وإستنادا الى ذلك ولحاله التوهان والضبابيه الفكريه ، وتعدد التعبيرات السياسيه
والتنظيميه لقوى الحاله الديمقراطيه ، بالإضافة الى التربيه التظيميه الخاطئه ،
والعصبويه والإنشداد الى الذات ، ونزعات المغالة والنرجسيه فعلا وحضورا ووحجما عند بعض
هذه القوى ، إستمرت حالة الشرذمه والإنقسام في صفوفها ، ورأينا كيف أن عدم قدرتها على
الإتفاق على قائمه واحده في الإنتخابات التشريعيه الفلسطينيه الأخيره ، قد جر عليها
جميعا نتائج كارثيه بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، علما أنها تتطابق في البرنامج
الإجتماعي ، وتتقاطع بشكل واسع نواتها الأساسيه ( الشعبيه والديمقراطيه ) في الجوانب
السياسيه ، بحيث ظهرت تلك القوى بغض النظر الحجج والذرائع ، إن كانت صائبه أم لا، كقوى
هامشيه محدوده الوزن والتأثير ، في القرار والخارطه السياسيه الفلسطينيه ، والتي شهدت
تغيرات جذريه ، أو كما سميت " تسونامي حمساوي " ، والمؤسف أن بعض هذه القوى كانت ترهان
على أن رصيدها التاريخي ، سوف يشفع لها أمام الجماهير ، وكما أنها إستمرت بالعمل وفق
المنطق الضيق للأحزاب ، غير المنسجم مع دورها التاريخي ، ووزنها الوطني في التجربه
السياسيه والكفاحيه الفلسطينيه ، ورغم هذا الزلزال الذي حصل ، والذي يجب أن يقود الى
وقفه جاده ومسؤوله ومراجعه شامله في صفوف تلك القوى ، إلا أنها إستمرت في العمل وكأن
الذي حصل حدث عابر ، أو نتيجه طبيعيه ، علما بأن الذي حصل كفيل بأن ، يطيح بالكثير من
قيادات هذا التيار ، التي أصابها من التكلس والجمود وقصر النظر الشيء الكثير ، ولم تظهر
أية بارقة أمل بأن هذا التيار سيعيد ترتيب وتنظيم صفوفه ، ليرتقي الى الدور المطلوب
والمأمول منه ، وليعبر عن نفسه كجسم واحد ، وقد أضاع هذه التيار أكثر من فرصه ، لكي
يغرس جذوره في عمق الوجدان الفلسطيني ، وأن يكون البديل الحقيقي والديمقراطي في الساحة
الفلسطينيه ، وخاصة بعد أن إرتفعت وتيرة الصراع التنافس بين فتح وحماس على وهم السلطة ،
وإنتقلت الى الإقتتال والإحتراب الداخلي ، وإغراق الساحه الفلسطينيه في حالة من الفلتان
والفوضى في صراع محموم على وهم السلطه ، غلف بالحرص على الثوابت والحقوق الفلسطنيه ،
والمصالح العليا للشعب الفلسطيني ، والقوى الديمقراطيه بذلت جهودا جديه وحقيقيه من أجل
تجنيب الساحه الفلسطينيه ، حالة الإحتراب والإقتتال الداخلي ، ودعت الى الإستمرار في
الحوار الوطني الشامل وعلى قاعدة وثيقة الوفاق الوطني – وثيقة الأسرى – من أجل الخروج
من هذه الأزمه ، ولكن هذا الجهد كان مبعثرا لهذ القوة أو تلك ، ولم يعبر عنه بجهد كتلوي
أو وحدوي ، وعندما فشلت كل المحاولات لتطويق الصراع والخلاف بين فتح وحماس ، والذي يشكل
مخاطر جديه ، على كل منجزات ومكتسبات الشعب الفلسطيني ، رعت السعوديه حوارا بين هذين
الطرفين ، وبمعزل عن هذه القوى وكل مكونات الشعب الفلسطيني الأخرى ، هذا الإتفاق الذي
جرى الترحيب به ، وتقيمه إيجابا لأنه حقن الدم الفلسطيني ، وأبعد عنه شبح ومخاطر الحرب
الأهلية المدمره ،إلا أنه كان بمثابة محاصصه شامله بين فتح وحماس على وهم السلطة
والمصالح والمراكز والإمتيازات ، بحيث جرى تقسيم الغنائم ، وإتفق على أن تمتد
المحاصصه الى م- ت – ف ، وعندما وجهت الإنتقادات لهذا الإتفاق من قبل القوى الديمقراطيه
، وتحديدا الجبهتين الشعبيه والديمقراطيه على أساس أنه يكرس الثنائيه الإحتكاريه في
الحياه السياسيه الفلسطينيه ، وأنه لا يمهد لشراكه سياسيه حقيقيه في الساحة الفلسطينيه
، وكذلك عندما أعلنت الجبهة الشعبية ، أنها لن تشارك في الحكومه الفلسطينيه ، لأنها ترى
في ما تم الإتفاق عليه ، هبوطا عما جاء في وثيقة الوفاق الوطني – وثيقة الأسرى – تعرضت
تلك القوتان الى حملة إعلاميه شعواء ، لم تخلو من القدح والردح والتطاول ، بل وفقدان
الإتزان من قبل حماس ، والتي لم تقتصر على الإتهام بأن هذه المواقف تتسم بالمزايده ، بل
ذهب البعد بعيدا ، ليقول لنا أن تلك المواقف ، تلتقي مع الموقف الأمريكي ، وآخر يقول ،
من هو حواتمه ، وماذا يمثل في الساحة الفلسطينيه ، وشطح البعض وترك العنان لخياله ،
ليقول لنا بأن الجبهة الشعبية ، هي التي أراقت الدم الفلسطيني في أيلول الأسود ، وكل
ذلك في إطار الدفاع عن إتفاق المحاصصه ، وعن وجهة نظر حماس ، التي لا تخطىء ، ولا تنطق
عن الهوى ، ومن يريد المعرفه الحقيقيه عن حماس ، وحقيقة مواقفها ، فعليه أن يراجع
شبكاتها ومواقعها الألكترونيه ، حيث عبارات التخوين والتشهير والقدح والذم والتحريض ،
والنرجسيه المفرطه ... الخ ، ومن هنا فإن هذا يجب أن يشكل ضوءا أحمر لكل قوى الحالة
الديمقراطيه في الساحة الفلسطينيه ، أن تتحلى بالمسؤوليه العاليه ، وأن لامناص عن
توحدها ، وأن تشق طريقها بشكل مستقل ، وبما يمكنها من إستعادة دورها وفعلها ووزنها
وحضورها وتأثيرها في الشارع الفلسطيني ، وعلى أساس برنامج بديل ، بالضرورة أن يتجذر
ويتعمق في الوجدان الفلسطيني ، فهذه القوى ليست طارئه أو دخليه أو مرتزقه على الساحة
والشعب الفلسطيني ، بل جزء أصيل ومكون أساسي من مكوناته ، ولها باع طويل وتاريخ عريق في
النضال الوطني الفلسطيني ، وما زالت تدفع وتقدم على مذبح الحرية والتحرر خيرة أبنائها ،
وهذه القوى عليها الآن ، وعلى ضوء ما يحصل على الساحة الفلسطينيه من تداعيات وتطورات ،
أن تغلب الأعتبارات الوطنيه ومصلحة الشعب الفلسطيني ، عن أية إعتبارات فئويه أو حزبيه ،
وأن تشكل قائدا حقيقيا لهذا الشعب ، فهذه القوى كانت وما زالت طهارة اليد والسلاح ،
والشعب الفلسطيني يأمل منها الكثير ، وإذا لم تسعى بشكل جاد من أجل التوحد ، وانهاء
تعدد تعبيراتها السياسيه والتنظيميه ، وأن تولي العمل المجتمعي والجماهيري الإهتمام
الكافي ، فإن إمكانيات نهوضها وتطورها ، وإعتراف الآخرين بها كشريك حقيقي في القرار
السياسي الفلسطيني ، ستكون محدوده ، بل سيعمل أصحاب النهج الإقصائي والفئوي ، على
تهميشها وإبعادها عن دوائر القرار وصنعه ، فهل تعتبر قوى الحالة الديمقراطيه ، من كل ما
حصل ، وتوحد صفوفها وبرامجها ورؤيتها ، أم أن الشرذمه والإنقسام ستبقى تلازمها .؟
rasim@shepherdsfieldymca.org