في ظل زخم الربيع العربي ونجاح الشارع في إسقاط أنظمة الحكم في تونس وليبيا واليمن ومصر خلال أيام معدودة، كان الانطباع الشائع إن ما حدث هناك يؤشر إلى ما سيحدث في سوريا وهو سقوط النظام خلال ايام أو أسابيع وبأقل كلفة ممكنة.
خلافاً لهذه التوقعات صمد النظام السوري ثلاث سنوات، وهو يدخل العام الرابع بتحويل ميزان القوى على الأرض لصالحه، فقد أخذ يحرر مدينة بعد أخرى من أيدي المسلحين الذين يقاتلون بعضهم بعضاً.
النظام السوري مدعوم من حلفاء أقوياء، في مقدمتهم إيران وحزب الله وروسيا والصين، ولا ينقصه المال أو السلاح. كما أن الجيش السوري تماسك، فلم تحدث فيه أية انشقاقات نوعية، ومع ذلك فإن النظام ما كان ليصمد لولا أنه يتمتع بقدر من الدعم الداخلي، أما المعارضة المسلحة فما كانت لتفشل لولا أنها لا تتمتع بدعم شعبي.
هذا لا يعني أن الصراع في سوريا يوشك على الانتهاء، بشكل او بآخر، ذلك أن المنظمات التي تحمل السلاح ضد النظام تتمتع هي أيضاً بدعم حلفاء أقوياء واغنياء، يدعمونها بالمال والسلاح والإعلام، بل إن أميركا قررت مؤخراً أن تزود المنظمات (المعتدلة) بأسلحة نوعية بحجة المحافظة على ميزان القوى على الأرض، أي لخلق توازن يمدد الصراع المسلح في سوريا إلى أجل غير مسمى!.
الأردن ليس بعيدأً من سوريا. وهو يراقب عن كثب أحداث العنف الذي يمارس فيها، ويتحسب من تداعياته، سواء استمر الصراع وتفاقم، أو انتهى بخروج ما تبقى من المقاتلين لنشر الإرهاب في كل مكان. ويبدو واضحأً أن الموقف الاردني الرسمي من الحالة السورية هو النأي بالنفس، وعدم التدخل لا بشكل مباشر ولا بشكل غير مباشر، وهي سياسة أثبتت جدواها حتى الآن، فالوقت ما زال مبكراً للمراهنة على الحصان الرابح.
كان الأردن وغيره يدعون لحل سياسي، وأحيانأً انتقال السلطة، ولكن يبدو واضحأً الآن أن أحداث سوريا تجاوزت هذا المنطق ووصلت إلى حالة اللاعودة كما يدل الإعلان عن انتخابات رئاسية، فالحل سـيكون عسكرياً، والنتيجة غالب ومغلوب وليس حلاً وسطاً.
(الرأي)