غالباً ما تحمل الدردشاتُ الإلكترونية في بواكيرها الكلام المعسولَ والأحلام الوردية، وكذا تعلقاَ يزينه الخيالُ فيتشبه بالحقيقة، وكما قال الشاعرُ جرير: لا يلبث القرناءُ أن يتفرقوا***ليلٌ يكرُّ عليهمُ ونهار،
Top of Foففتكشّف النوايا مع الوقت، وتتحول تلك العلاقة الشفافةُ إلى واحدةٍ من علاقات الغاب طرفاها مفترس ٌ وفريسة.
إنّ ما تحملهُ مواقع التواصلِ الإجتماعي من مغريات في إظهارِ الذات ورفع منسوبِ الثقة بالنفس، ونقل من يعانون الوحدةَ إلى عالم يضجُّ بالمعجبين ومن يطلبون التعارف، ومن مختلف البلدان حول العالم، يجعل من هذه المواقع مفضلةَ على سواها، فهي تدقُّ نواقيس الحاجات المهملة، وتفتح الأبواب لمن قلَّ حظه في الحياة، إلا أن لكل هذا ثمناً تقايضنا به، فللغموض مقاجآته التي قد لا تحمدُ عقباها.
فمع مرورالوقت نصبحً غافلين وقليلي الحذر بحكمِ الإعتياد، والبعض قد يهمل حفظ خصوصياته، من صورَ عائليةِ وشخصية، وحتى مشاعره الداخلية وتنقلاته الشخصية أوسفره،متناسين أن خلف الشاشات غرباء كثر يضغنونَ في صدورهم سوء النّوايا والغيرة والحسد، وغيرها من المشاعر السلبية التي قد ينطوي عنها أفعال تسيء إلينا وتصيبُ كبِدَ واقعنا اليومي.
هؤلاء الغرباء الذين نطلعهم على خصوصياتنا، بحكم وجود حاجزِالشاشةِ الذي يحميهم، ويزينون الصفحات بالمعلوماتِ التي يريدونها بعيداً عن المصداقيه، قد يكونون من الدجالين، ممن يدعون علوم الفلك وقراءةً الكف والعلوم الروحانية، أو ممن ينتمون لجهاتِ دعوية أو حركات فكرية كالماسونية، أو من ينتهزون قلوب النساء الضعيفةِ فيدعون عجزهم الإنساني وفقر الحال لاستجداء المال، ومنهم من يجرون النساء للعلاقات غير الشرعية، ومنهن من يقدن الرجال إلى هاوية الغوى والفاحشة فيتفرق الأزواج وتتهدم العائلة أن تنشرخ عن أساسها وغيرهم الكثير،ممن لا نية لهم إلا سلب المال والمشاعر بأحقر وأدهى الأساليب!.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة حفظ الخصوصيات، والإنتقاء المدروس لمن قد نعتبرهم أصدقاء وأحبّة، فأمام هذه الثورة الإلكترونية لا نملك حق المقاطعة،ولا بد من مواكبةِ التطور مع أن نكلف أنفسنا بعض الحذر ولا نجعل من حساباتنا نسخاً عن بيوتنا التي نقفلُها قبل أن تغمضَ الأجفان.