لم تعطِ اتفاقية أوسلو أيّة مرحلية للدولة الفلسطينية الكاملة. وهذا يعرفه الرئيس عباس، لأنه القيادي الذي تابع المفاوضات السرية، وهو الذي تولى اقناع عرفات، ومركزية فتح في اجتماع مشهود قال فيه أبو مازن: هذه الاتفاقية إما أن توصلنا إلى الدولة أو إلى الكارثة!
أوسلو تحدثت عن «سلطة الحكم الذاتي الإداري» وقسّمت الضفة إلى مناطق أ وهي تُدار بسيطرة إدارية وأمنية. وب وهي تدار بسيطرة إدارية ويبقى الأمن بيد إسرائيل. ومنطقة ج، وتكون إدارتها وأمنها بيد إسرائيل. وهي المنطقة الأوسع، والأقل سكاناً.
لقد حدّدت أوسلو مدة الحكم الذاتي الإداري مدة خمس سنوات. يتقرّر بعدها مستقبل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس.. ويتقرّر بالتوافق! وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية التي وقعت كشاهد ولم توقع كضامن، كما كان الحال في كامب ديفيد ووادي عربة!
المهم أن السيد عرفات أول رئيس للسلطة غيّر الاسم للسلطة الوطنية. وأكثر من السجاد في مطار غزة، ومن فرق الاستقبال والوداع له بمراسم عسكرية. وكان رحمه الله يركز على النشيد والعلم.. والرئيس ليقنع الشعب بأن القادم هو الدولة لكنه بهذا لم يقنع الإسرائيليين الذين أرادوا منذ البداية ابقاء الحكم الذاتي الإداري.. وجعل المفاوضات لا تنتهي. وحين تم الهجوم على السلطة ومؤسساتها وقيادتها. كان الهدف من ذلك، ومن الحصار الذي احتجزه فيه الرئيس عرفات هو اقناع القيادة الفلسطينية بأن الدولة تحتاج إلى حكم ذاتي.. طويل!
الآن، يهدّد الرئيس محمود عباس بـ»تسليم المفاتيح» لسلطات الاحتلال، لأن الاستمرار في لعبة التفاوض أصبحت مملّة إلى حد لا يُطاق!
وتسليم المفاتيح معناه إعادة المنطقة إلى الاحتلال: إدارة، وأمناً.. وانتفاضات! ومثل هذا التهديد يجب أن يُنظر إليه نتنياهو (وأوباما) نظرة جادة جداً. فأبو مازن يذكرنا بخطاب الرئيس مصطفى النحاس حين ألغى في خطاب بمجلس النواب معاهدة عام 1936 مع بريطانيا بقوله:
لقد وقعت اتفاقية 36 من أجل مصر، وأنا ألغُيها الآن (عام 1951) باسم مصر. فمحمود عباس هو الذي كان وراء اتفاقية أوسلو.. وهو قادر على إلغائها. فالثائر القديم يستطيع أن يقوم بالدور.. دور رئيس السلطة بكل ما يترتب على هذه المسؤولية. لكنه قادر على فك ربطة العنق وإلقائها.. والعودة إلى القيادة السريّة!!.
الرجل له قدرة على الصبر، فهو يناور ويرفض ويعود يقبل. لكن صبره ليس دائماً! فهو يريد أن يصل بإسرائيل إلى فضيحة إسرائيل باحتلال عسكري يجعلها الوحيدة التي تمارس الاحتلال في هذا العالم، والوحيدة التي تحكم شعباً بالاباريتيهايت!
(الرأي)