رفع السيد جون كيري الراعي الأميركي لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل نحو إسبوعين يديه مودعاً وهو يقول لنا: باي باي وكأنه يعلن على الملأ وفاة حل الدولتين .
لقد رحل جون كيري حقاً وليس شائعة ، وهو لأنه يحمل ذكريات جميلة وأخرى مُرّه .. ، من الذكريات الجميلة المعلنة له: الأطعمة اللذيذة التي تناولها ، الكنافة والشاورما في نابلس ورام الله وقيل المنسف في عمان أيضاً ، وقيل كذلك أنه نظم قصائد مدح طويلة في هذه الأكلات اللذيذة .. أما الذكريات المره فلم يُمط السيد كيري اللثام عنها وفي مقدمتها الصلف والوقاحة الإسرائيلية في طرح الموضوعات التي لا يقبلها أي فلسطيني وعربي حر ، وفي المقدمة يهودية الدولة ... وإلغاء حق العودة ... والتنازل عن القدس عاصمة الشعب الفلسطيني ... ولم يبق إلا تقديم الإعتذار لإسرائيل لقيام العرب والفلسطينيين بخوض حروب معها والحبل على الجرار ...
نعم ...
طار جون كيري كما طار غيره من الوسطاء الإميريكين والأوروبيين الدكتورة رايس وميتشيل والكونت برنادوت وآخرين ... جميعهم طاروا لأنهم فشلوا في حلب الثور الإسرائيلي وفي المقدمة سيء الذكر بنيامين نتنياهو ...
نأمل من السيد كيري وفي المستقبل القريب الكشف لنا ما تحت الأقنعة التي لبسها الإسرائيليون والتي كانت أقنعة لوجوه حمائم .. ووجوه بلابل وغيرها من الطيور والحيوانات الوادعة ... لكن كان تحتها وجوه ثعابين وعقارب وخنازير وضباع وثعالب ... !
وددنا من السيد كيري أن يقول لنا: أي شيء ملفت ... وجديد عن هذا الثعبان الإسرائيلي وأعني بنيامين نتنياهو ، وعن هذه العقرب تسيبي ليفني ... !
المهم ... خلّصنا السيد كيري من ( دويخة ) التعويضات .. من سيدفعها ولمن تدفع للاجئين الفلسطينيين أم الحكومات المضيفة لهم .. وقيل إن الإسرائيليين يطالبون بتعويضات كبيرة تجعل اللاجئين الفلسطينيين ( ملحوقين ) كما قال لي ذات يوم المرحوم شفيق الحوت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية لأنهم يطالبون بـ 300 مليار دولار ... !
هل خاف السيد كيري من إنسحابه المفاجئ من المفاوضات وهل كان يخشى أن يكون مصيره كمصير الوسيط الدولي الكونت برنادوت قبل أكثر من 68 عاماً جثة هامدة تحت ركام فندق الملك دواد في القدس ..
هل كان السيد كيري على وشك تصفية القضية الفلسطينية فهرب بجلده ... وكيف كانت المعارك التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، من كان من الرؤوس الحامية بين الإسرائيليين .. ومن من بين الفلسطينيين أيضاً وفي جميع الجولات الأثنتي عشره وعلى مدار ثمانية أشهر طوال ..
ما علينا ..
لقد أصبحت إتفاقية الإطار التي سطرها جون كيري في مزبلة التاريخ الآن ، كما أصبحت جميع الطلبات الإسرائيلية التعجيزية حول يهودية الدولة وإلغاء حق العودة والقدس والحدود في مزبلة التاريخ أيضاً !
لقد فشل المفاوض الإسرائيلي في إجبار المفاوض الفلسطيني على تناول كأس السم الإسرائيلي ، قيل إن الفلسطينيين كانوا شجعاناً في مواجهة المكائد والمصائد الإسرائيلية والهادفة إلى إبتلاع فلسطين " كل فلسطين " لقد كانت اللقمة الفلسطينية كبيرة وخشنة وصعبة ومُرّة أيضاً على الإسرائيليين والأميريكين ..
هناك ثلاث وطنيات في العالم صعبة الإقتلاع هي: إيرلندا وجنوب أفريقيا وفلسطين ... !