الأستاذ الدكتور زكريا القضاه / جامعة طيبة / المملكة العربية السعودية


تسعدنا دائما النجاحات التي يحققها أطباؤنا في مختلف القطاعات الصحية في الأردن الحبيب بشكل عام والتي ينجزها أطباء الخدمات الطبية الملكية بشكل خاص.

فقد أصبح الأردن والحمد لله دولة متقدمة في المجال الطبي على مستوى المنطقة بأجملها الأمر الذي جعل مؤسساتنا الطبية كلها موئلا لكل الباحثين عن الخدمة الطبية المتقدمة والتشخيص والعلاج الذين يؤديان إلى الشفاء بإذن الله وفي معظم الحالات.

ونتيجة لذلك تغص المستشفيات الأردنية ومنذ فترة طويلة بالمرضى من الدول العربية الشقيقة التي مثل اليمن وليبيا والسودان وبعض دول الخليج.

كل ذلك هو مدعاة فخر لكل الأردنيين لأن الأردن نجح في الاستثمار علميا بالإنسان الأردني الذي غدا متميزا في جميع المجالات العلمية ومنها الطبية.

وفي الحقيقة أن ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو خبر تناقلته وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية عن اكتشاف فريق طبي في دائرة الأعصاب في المدينة الطبية حالة مرضية أطلق عليها متلازمة كفر راكب.

وقد وصفت هذه الحالة المرضية على أنها مرض عصبي تكون أعراضه على شكل رعاش مستمر. ويصحب هذه الحالة تدهور في القدرات الجسدية الذهنية لدي المريض وصعوبة تامة في قدرته الحركة. كما أشار الخبر إلى أن هذه الحالة المرضية يستعصي علاجها حاليا.

وكان مصدر الخبر شفافا إلى درجة كبيرة عندما أعلن أن هذه الحالة المرضية اكتشفت في بلدة كفر راكب ولذلك سميت هذه الحالة بمتلازمة كفر راكب !!!!!

وهنا أود أن أقول وبكل صراحة أنه بقدر سعادتي الكبيرة بقدرات أطباءنا في المؤسسات الطبية الأردنية واكتشافاتهم فقد كانت صدمتي كبيرة وأسفي أكبر على ضيق الأفق الذي اكتنف التعامل مع تسمية هذه الحالة باسم بلدة كفر راكب !!!! مع أنه كان من الأجدر والأولى أن يتم تسميتها باسم الطبيب أو الفريق الطبي المكتشف وليس على بلدة ستعاني الأمرين من هذا الاكتشاف وتسميته باسمها.

وحيث أننا نتحدث عن حالة مرضية خطيرة أصابت أسرة من بلدة كفر راكب قد يكون العامل الوراثي هو سببها الرئيس. لكن وللأسف سميت هذه الحالة الخطيرة وبدون وعي باسم البلدة كلها. وهنا لا بد من سؤال مشروع: هل تسمح الأعراف والقوانين الطبية كشف أسرار الأفراد والجماعات بهذا الشكل؟ وأسأل أيضا من أطلق هذا الاسم: كم من الأضرار الاجتماعية الجسيمة التي ستلحق ببلدة كفر راكب وبأسرها وشبابها وشاباتها وخاصة المقبلون على الزواج؟ وأوضح أكثر: هل تتوقعون بعد اليوم ومع هذه التسمية المقيتة أن نجد أحدا من قرية مجاورة أو بعيدة يغامر في البحث عن شريكة حياة له من كفر راكب ؟ بعد ن تم تسميتها باسم أشبه بالوصمة؟ وسؤال مشروع آخر: كم ستعاني تلك الأسرة المصابة من العزلة في مجتمع كفر راكب ؟

ألم تسمعوا بمتلازمة داون؟

ومتلازمة اسبرغر؟

ومتلازمة تيرنر؟

ومتلازمة توريت ؟

وغيرها كثير

كل هذه المتلازمات كانت قد سميت بأسماء مكتشفيها ليخلد اسمهم في المجال الطبي على مر السنين. أما مكتشفينا وللأسف فقد سموا الحالة المرضية المؤسفة التي اكتشفوها باسم بلدة !!!!. وهو أمر غير مقبول سيما وأن هناك عامل اجتماعي مهم وضاغط في هذا المجال. ثم ماذا لو اكتشفت هذه الحالة أو حالة أخرى في بلدة ثانية وثالثة أو أكثر؟ في الحقيقة أخاف أن تصبح لكل قرية أردنية متلازمة عل هذا الأساس !!!

وفي الختام لا بد من القول أن هناك خطأ جسيما رافق هذا الاكتشاف الهام. وهذا الخطأ الجسيم يتعلق باسم الاكتشاف الذي رب باسم بلدة ليؤذي سكانها. أولئك الناس الذين ليس لهم ذنب سوى أن تلك الأسرة المصابة تسكن بين ظهرانيهم. لذلك لا بد من التراجع عن هذا الاسم الوصمة وأن يتم تغييره وبأسرع وقت ولا أن يشار لا من قريب أو بعيد إلى بلدة كفر راكب وأن يتم التنويه بذلك.