تحليل : استمرار الدعم ضرورة اقتصادية و الآلية بحاجة الى تطوير
20-04-2014 03:08 AM
** الفقر في الاردن يصل الى 30% في بعض الأوقات من العام.
** أهمية الدعم تغطية تقصير المعونات الاجتماعية في محاربة الفقر.
** العودة الى البطاقة الذكية على الأساس النقدي أكثر كفاءة و مراعاة للوضع الاجتماعي.
** تأسيس دائرة حكومية متكاملة للدعم النقدي أولوية وطنية تخفف أعباء المستحقين.
تحليل اقتصادي
عمون – عبد المنعم الزعبي* - بداية القول أن استمرار تقديم دعم المحروقات للشرائح المستحقة محبذ الاستمرار، و ليس كما تم اعتباره من قبل بعض المحللين إجراءا مؤقت يجب تجاوزه بعد فترة زمنية معينة.
أما الحجة وراء المطالبة باستمرارية تقديم هذا الدعم فتتعلق من جهة بنسب الفقر المرتفعة محليا، و من جهة أخرى بإسهام الدعم النقدي في دفع عجلة النمو و تقليص الفجوة الاقتصادية المترتبة على تفاوت توزيع مكتسبات التنمية.
الأرقام الرسمية تقول أن معدل الفقر في المملكة 14% من عدد السكان، بينما تشير بيانات صدرت مؤخرا عن البنك الدولي بأن هذا الرقم يرتفع الى 30% في بعض أوقات السنة، مدللة بذلك على تذبذب المعونات الاجتماعية و تدهور الوضع الاقتصادي للطبقة الوسطى في المملكة.
من جهة أخرى، و بذات الأهمية، تشير بيانات صندوق النقد الدولي الى أن نسبة تغطية الفقر بالمعونات الاجتماعية في المملكة هو الأقل بين دول أخرى من أبرزها مصر و المغرب و تونس و ليبيا.
النتيجة اذا أن تقديم الدعم لا يتعلق حصرا بارتفاع أسعار المحروقات، انما بتشكيل شبكة أمان اجتماعي تحارب الفقر و تقلص من فجوة عدم العدالة الاقتصادية في توزيع الدخول.
على هذا الصعيد، يمكن أيضا الالتفات الى المعيقات التي تواجه آلية الدعم النقدي من منظور عملياتي و اجتماعي، و بما يتطلب اجتهادا حكوميا مضاعفا بغية تجاوز المعيقات و تعظيم كفاءة الصرف.
القضية الأولى هنا تتلخص بطريقة صرف الدعم المعتمدة على الاصطفاف في طوابير البنوك للحصول على الدعم النقدي، اذ تعتبر هذه الطريقة غير كفؤة ولا متلائمة مع العادات الاجتماعية القائمة على "السترة للفقير" و "العائلات المستورة".
نعم هي غير كفؤة بدليل امتداد اجراءات صرف الدعم أكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي جعل الحكومة تقوم بالصرف مرتين سنويا عوضا عن ثلاثة مرات كما ورد في قانون الموازنة العامة.
و نعم هي غير متلائمة مع المبادئ الاجتماعية بدليل امتعاض كثير من متلقي الدعم و اعتبارهم الآلية منفرة و مستهلكة للعناء و الجهد و في بعض الحالات منتهكة لمبدأ "السترة" لمحدودي الدخل.
التعامل مع هذه القضية بمصداقية يتطلب العودة الى خيار "البطاقة الذكية"، و الذي يجعل من "كبسة زر" كافية لدفع كامل مبلغ الدعم لكافة المستحقين في يوم واحد، من دون طوابير و لا تهافت على البنوك.
و تجنبا لمساوئ تطبيق البطاقة الذكية و الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، يمكن اللجوء الى البطاقات التي يمكن استبدالها بالنقد من خلال الصرافات اللآلية للبنوك، أو للشراء الاعتيادي من أية نقطة بيع تماما كما هو الحال بالنسبة لجميع بطاقات الائتمان الممنوحة من البنوك.
القضية الثانية بالنسبة لآلية توزيع الدعم تتعلق بتقديم الطلبات و تعبئة البيانات في كل مرة يريد المستحق الحصول فيها على دعم الحكومة.
الاجراءات السابقة معقدة و مستنزفة للجهد و الوقت و تتضمن نقلا لمسؤولية توفير البيانات من الحكومة الى كاهل المواطن، الذي يعاني في كل مرة من تعبئة البيانات و انتظار تدقيقها و تحليلها من الجهات الرسمية.
علاج التعقيد السابق لا يكون إلا عبر انشاء دائرة متخصصة بالدعم النقدي بموظفين دائمين يمضون كامل وقت عملهم عبر العام في تدقيق بيانات المواطنين و تنقيحها، تمهيدا لصرفها في مواعيد محددة سلفا دونما تأخير.
بقي أن يتم التنبيه أخيرا الى ضرورة التزام الحكومة بمبالغ الدعم المرصودة قانونيا في الموازنة حتى لو انخفض عدد المقبلين على الدعم، و ذلك من خلال تعزيز القيمة المدفوعة للأقل حظا و الأكثر استحقاقا.